أجهزة الرصد الفلكي astronomical instruments هي أجهزة مكونة أساساً من جزء يجمِّع أشعة النجم ومن تجهيزات متممة تساعد في رؤية صورة مكبرة للنجم أو تصويره.
لقد ظل الرصد الفلكي يجري بالعين المجردة حتى بداية القرن السابع عشر, حين اخترع العالم نيوتن في الثلث الأخير من القرن ذاته الراصدة الفلكية العاكسة. ومنذ ذلك الحين مازالت هاتان الآلتان تتلقيان التحسين والعناية حتى أصبحتا على الشكل المتقن الذي بلغتاه اليوم ويطلب الآن من جهاز الرصد أن يوفر للفلكي الأمور الثلاثة الآتية وهي: تلقي إِشعاع النجوم على جهاز الاستقبال (وهو العين أو لوحة التصوير أوالمطياف..), وتشكيل صورة لجرم أو لمنطقة معينة من السماء في المستوى البؤري (المحرقي) للجهاز, والفصل بين أجرامٍ واقعة على بعدٍ زاوي صغير فيما بينها, مما يجعل العين المجردة غير قادرة على الفصل بينها لولا جهاز الرصد.
إِن القسم البصري الأساسي في المنظار أو في الراصدة هوالجسمية. ويتلخص عملها في تلقي الضوء الآتي من الجرم السماوي وإِنشاء صورة له أو لمنطقة من السماء. وتتصل الجسمية بأداة الاستقبال بوساطة أنبوب. أما القسم الميكانيكي الذي يحمل الأنبوب ويوفّر له توجيهه فيسمى الحاضنة mounting. وإِذا كان مستقبل الضوء هو العين, فإِن المنظار ينبغي بالضرورة أن يكون مزوَّداً بعينية eye- piece لفحص الصورة التي تشكلها جسمية الجهاز.
وأما في حالات الرصد بالتصوير أو الرصد الكهرضوئي أو الطيفي, فلا حاجة إِلى العينية. إِن لوحة التصوير وشق المطياف, والحجاب الذي يتحكم في شدة الضوء الكهربائي, تركَّب مباشرة في المستوى البؤري للجهاز.
إِن الراصدة التي جسميتها عدسات تسمى راصدة كاسرة أو منظاراً. ولما كانت الأشعة الضوئية التي لها أطوال موجية مختلفة تنكسر بزوايا انكسار مختلفة, فإِن الجسمية المؤلفة من عدسة واحدة تشكل صورة مقزَّحة. هذه الظاهرة تسمى الزيغ اللوني chromatic aberration وهذا الزيغ يمكن أن يصبح زهيداً إِذا تكونت الجسمية من عدستين تحققان شروطاً معينة (وذاك في الجسمية اللالونية).
أما قوانين الانعكاس فلا تتعلق بطول موجة الضوء, لذلك انصرف التفكير إِلى أن يُستبدَل بالجسمية ذات العدسات مرآة كروية مقعَّرة. فالمنظار الفلكي الذي يعمل على هذه الطريقة يسمى راصدة عاكسة refracting telescope أو راصدة. وأول راصدة كان قطر فتحتها 3 سم فقط وطولها لا يتجاوز 15 سم, وقد صنعها نيوتن عام 1671, أي بعد منظار غاليليو بـ71 سنة. أما اليوم فهناك راصدة قطر فتحتها 5 أمتار وأخرى قطر فتحتها 6 أمتار.
مرآة كروية أو مكافئية
إِن المرآة الكروية لا تجمِّع أشعة الحزمة المتوازية في البؤرة تماماً, ولكنها تشكل في البؤرة بقعة غير واضحة الحافة. إِن هذا التشويش في الصورة يسمى زيغاً كروياً spherical aberration. أما إِذا جُعل شكل المرآة قطعاً مكافئاً دورانياً مجسماً, فإِن الزيغ الكروي يزول, وعندئذ, إِذا سقطت على المرآة حزمة متوازية موجَّهة وفقاً لمحور هذا القطع المكافئ, تجمّعت الأشعة في البؤرة بلا تشويش تقريباً, ما عدا التشويش الناجم عن الانعراج (الحيود) diffraction وهذا ما دفع إِلى اختيار شكل القطع المكافئ في مرايا الراصدات الحديثة
لقد كان الهدف الأساسي للرصد بالمناظير والراصدات, حتى نهاية القرن التاسع عشر, هو دراسة المواقع الظاهرية للنجوم.
وكان هنالك دور مهم لرصد المذنَّبات وتفاصيل أقراص الكواكب السيارة, وكل هذه الأرصاد كانت تجري بالبصر, وكان المنظار الكاسر المزوَّد بجسمية ذات عدستين يكفي تماماً لحاجات ذلك العهد.
في أواخر القرن التاسع عشر, وفي القرن العشرين, طرأ على الفلك بوصفه علماً, تغيرات جوهرية, إِذ انتقل مركز ثقل البحوث إِلى نطاق فيزياء النجوم وإِلى فلك النجوم, وأصبح الهدف الرئيسي للبحوث دراسة المميزات الفيزيائية للشمس والكواكب السيارة والنجوم والمنظومات النجمية. وظهرت أدوات مستقبلة للإِشعاع جديدة هي لوحة التصوير والخلية الكهرضوئية, وتم تطبيق الكشف الطيفي على نطاق واسع, لذلك فإِن المطالب والشروط التي غدت مفروضة على الراصدات, صار عليها أن تفي في المستقبل بمتطلبات غير التي كانت تفي بها قبلاً.
لقد غدا من المرغوب في بحوث فيزياء النجوم ألاّ تفرِض بصريات الراصدات أي قيود على الفاصل المتاح والمتيسر من أطوال أمواج الضوء: لأن الحدود والقيود التي يفرضها جو الأرض مفرطة في حد ذاتها. ولكن العدسات تُصنع من زجاج يمتص الإِشعاعات فوق البنفسجية والإِشعاعات تحت الحمراء, وإِن مدى حساسية لوحات التصوير والخلايا الكهرضوئية يشمل نطاقاً من الطيف أوسع من نطاق حساسية العين وإِن تأثير الزيغ اللوني في هذه المستقبلات هو أقوى.
لذلك فإِن الأبحاث والدراسات التي تجري في نطاق فيزياء النجوم تقتضي استعمال الأجهزة العاكسة, إِضافة إِلى أن صنع مرآة كبيرة للعاكس أسهل بكثير من صنع جسمية لا لونية ذات عدستين, لأنه بدلاً من معالجة أربعة سطوح كاسرة بدقة بصرية (أقل من ثُمن طول الموجة λ تقريباً, أي 0.1 مكرون تقريباً من أجل أشعة الإِبصار) لا يضطر صانع الجهاز إِلى أن يهتم إِلا بسطح واحد, إِضافة إِلى أنه لا يتحتم عليه عندئذ أن يراعي قيوداً شديدة تتعلق بالتجانس الذي يتطلبه زجاج العدسات. إِن كل هذه الأمور قد جعلت من العاكس الجهاز الأساسي لفيزياء النجوم, أما بحوث قياسات النجوم فتُستعمل فيها عدسات كاسرة. ذلك أن العاكسات حساسة جداً بأدنى دوران طارئ يصيب المرآة فيها لأن زاوية الورود تساوي زاوية الانعكاس, فإِذا دارت المرآة المستوية بزاوية قدرها يه, انتقلت الصورة (الخيال) بزاوية قدرها 2يه. وأما الانتقال الذي يولده دوران مماثل لعدسة جسمية فهو أصغر, وما دامت مواقع النجوم في بحوث القياسات النجمية يجب أن تقاس بالدقة العظمى, فإِن اختيار العدسات الكاسرة هو المفضَّل.
إِن الصورة التي يولدها العاكس ذو المرآة المكافئية واضحة جداً, كما سبق ذكره ولكن يقتضي هنا إِبداء احتياط: يجوز أن تُعدّ الصورة كاملة ما دامت قريبة من المحور, ولكن الابتعاد عن المحور يُظهر فيها تشويهات, فالعاكس الذي له مرآة مكافئية واحدة لا يمكَّن من تصوير مناطق كبيرة من السماء, من رتبة 5 درجات ×5 درجات مثلاً, وذلك أمر ضروري لدراسة الحشود النجمية والمجرات والسدم المجريّة, لذلك فمن أجل الأرصاد التي تتطلب حقلاً واسعاً تُصنع كواسر - عواكس تُصحَّح فيها زيوغ المرآة بعدسة رقيقة تكون في أغلب الأحوال شفافة للأشعة فوق البنفسجية. وقد كانت مرايا العاكسات قديماً ما بين القرن الثامن عشر والقرن التاسع عشر تصنع من أشابة (سبيكة) معدنية خاصة. ثم بعد ذلك, لأسباب تقنية استعاض صانعو الآلات البصرية عن المعدن بالزجاج. يعالج أولاً معالجة بصرية, ثم يغطى بطبقة رقيقة من المعدن ذات معامل انعكاس كبير (الألمنيوم خاصة).
المميزات الرئيسية للأجهزة الفلكية:
إِن العنصرين الرئيسيين المميزين للمنظار وللراصدة هما:قطر الجسمية (قط), وبعدها البؤري (ق). وكلما كان القطر أكبر كان التدفق الضوئي (تد) الذي يلتقطه الجهاز أكبر, وتعطى عبارة التدفق بالصيغة:
حيث(ض) هي استنارة الجسمية و(سط) سطحها. إِن ما يميز الجهاز الفلكي, سواء أكان منظاراً أم راصدة, شيئان هما مقدرة الفصل resolving power والتجسيم magnification.
مقدرة الفصل:
نظراً لظواهر الانعراج الناجمة عن الطبيعة الموجية للضوء, لا تكون صورةُ النقطة الضوئية المشكَّلة بوساطة جسمية (عدسة كانت أو مرآة) نقطة بل بقعة, ولما كان محيط الجسميات مستديراً, فإِن هذه الصورة تكون في الواقع بقعة ضوئية صغيرة مستديرة, ضياؤها أعظمي في مركزها, وتحيط بها حلقات متحدة المركز, هي على التناوب مظلمة ومضيئة. وهذه الحلقات المضيئة يتناقص ضياؤها بسرعة بحيث لا ترى إِلا البقعة الصغيرة.
إِن الزاوية (يه) التي تقابل في السماء نصف قطر أول حلقة مظلمة تحيط بالبقعة المضيئة تعطى بالصيغة :
حيث تقدَّر (يه) بالراديان, وحيث (قط): قطر فتحة الجسمية. ويمكن أيضاً تقدير (يه) بثواني القوس و(قط) بالسنتيمترات, وبتطبيق الصيغة السابقة باعتبار طول الموجة λ, طول موجة الشعاع الأصغر (وهو الذي تبلغ عنده حساسية العين قيمتها العظمى), تصبح الصيغة عندئذ:
وتمثل الزاوية (يه) قياس أصغر التفاصيل الدقيقة التي تمكِّن الآلة البصرية من رؤيتها وتمييزها, أو بعبارة أخرى: البعد الزاوي لنجميْن يمكن رؤيتهما مفصولين أحدهما عن الآخر. وهذه هي العبارة النظرية لمقدرة الفصل.
إِن مقدرة الفصل تكون أحسن كلما صغرت قيمتها. وهكذا فكلما كان قطر جسمية الآلة البصرية (قط) أكبر كانت مقدرة الفصل لهذه الآلة أحسن. ومن جهة ثانية, عندما يكون القطر محدداً, تصغر مقدرة الفصل عند ازدياد طول موجة الضوء.
إِن مقدرة الفصل النظرية للراصدة التي قطر فتحتها 5 أمتار, المركبة في مرصد جبل بالومار Palomar بكاليفورنية هي 0.024 ثانية, أما في الواقع, وبمراعاة اضطراب الجو فإِن من الشاذ أن تهبط قيمة مقدرة الفصل دون 0.1 ثانية.
التجسيم :
تتعين مقدرة المنظار الفلكي خاصة بالتجسيم الذي يمكِّن من استعمال المنظار استعمالاً مفيداً, وهو مع بقاء جميع الشروط الأخرى على حالها, يتعلق بضيائه وبمقدرة الفصل فيه. إِن التجسيم لا يتحدد إِلا في حالة الرصد بالعين, وذلك بوساطة عينية تتألف دوماً من عدستين يكون لهما حقل زاوي خاص أكبر بكثير من حقل المكبرة البسيطة, وزيغ هندسي أقل. والتجسيم موجب دوماً بحيث يتيح استعمال معلمات مادية مثل الخيوط أو المكرومترات المنقوشة على الزجاج, في مستوي الصورة البؤرية الذي هو المستوى البؤري الجسمي للجملة العينية, فإِذا كان البعد البؤري الناتج لهذه الجملة (ق) والبعد البؤري لجسمية النظارة (ق), فإِن التجسيم الحاصل هو:
ولما كان بؤبؤ الدخول إِلى الجهاز هو الحافة الحرة للجسيمة, فإِن بؤبؤ الخروج هو صورته التي تكونها العينية أو القرص العيني, وهي صورة حقيقية وتقع إِلى الوراء قليلاً من العدسة الثانية التي تسمى عدسة العين, في حين أن العدسة الأولى هي عدسة الحقل, فإِذا كان قطر هذه العدسة (قطَ) فإِنه يمكن كتابة التجسيم أيضاً على النحو:
حيث (قط): قطر جسمية المنظار, فيمكن إِذاً حساب (تج) انطلاقاً من قياس (قطَ), وقد كان هذا مبدأ قياس التجسيم (دينامتر) لرمْسدن Ramsden حيث كان يُجلب إِلى مستوى حلقة البقعة زجاجة شفافة قد نقش عليها سلم دقيق جداً ينظر إِليه بمكبّرة تمكِّن مباشرة من قراءة قيمة (قطَ). هناك قيمة دنيا تجد للتجسيم تسمى «متساوية البؤبؤ» إِذا نزلنا إِلى ما هو أدنى منها لا تتم الاستفادة من الجسمية بكاملها, وقيمتها
ذلك لأنه إذا كان تجذ> تج
فإِن بؤبؤ الخروج يفيض على بؤبؤ العين, وهذا الأخير يحجب أو يحظر بنفسه بؤبؤ الدخول المفيد فينقص الضياء الفعلي للجهاز.
يُعرَّف كذلك تجسيم أدنى تكون مقدرة الفصل - ابتداءً منه - قد استُثمرت استثماراً حسناً. وينبغي من أجل ذلك لهذا التجسيم الذي يسمى «الفاصل» تج أن يُري مقدرة فصل الجسمية ضمن زاوية تساوي حدة البصر, أي دقيقة واحدة أو 60 ثانية.
وينتج أن تج ف = 3 تج د
وهكذا, فإِن الجسمية التي قطرها 60 سم, يكون فيها تجف=300 وتجد=100
الراصدة الكاسرة أو المنظار
إِن جسمية المنظار هي دوماً زوج لا لوني من العدسات. ولا يظهر الزيغ اللوني إِلا في الآلات الكبيرة, فيبدو هدباً بنفسجياً على حافة القمر, أو هالةً من اللون نفسه حول النجوم الشديدة اللمعان. وهناك بعض الجسميات تتألف من ثلاثيات بحيث أن تصحيحها من حيث اللالونية أميز من الأولى ولكن قطرها محدود بـ 20سم تقريباً لأنها تتطلب عدسات خاصة جداً, منحوتة وفقاً لسطوح كبيرة الانحناء, ولذلك فإِن مَرْكَزَتها صعبة وكلفتها كبيرة. إِن الجسميات المؤلفة من عدستين فيها تعويض جيد للزيوغ الهندسية (الزيغ الكروي والتذنب والتشوه) التي توجد في العدسة البسيطة. ويوجد من هذه الثنائيات عدة أشكال تقليدية يختلف بعضها عن بعض ولاسيما بانحناءات وجوه العدسات المستعملة, بحسب ما يكون المطلوب فيها هو الوضوح إِلى أبعد إِمكاناته مع نعومة الصورة على المحور, أو الحصول على صورة صحيحة مضبوطة ضمن حقل متسع, ويكون المطلوب أحياناً بعداً بؤرياً أقصر مع فتحة معينة.
تركّب العدسات في طاحونة مع وصلة تجنِّبها الضغط ولكن من دون أن تترك للعدسات مجالاً للتحرك في مكانها. إِن الجسميات الصغيرة وحدَها, أي التي قطرها أصغر من 4 سم, التي توجد في المصوِّبات أو في غيرها من الأدوات الملحقة, تلصق بوساطة صمغ كندا, وأما جسميات المناظير فإِن عدساتها تكون مفصولة بثلاثة أسناد موزعة على 120 درجة وموضوعة على المحيط. ويرافق المنظار حقيبة فيها عدد من العينيات تُراوح أبعادها البؤرية بين بضعة دسيمترات وبضعة مليمترات. وأطول هذه العينيات هي التي تعطي التجسيم (تجد ) ويبلغ بعدها البؤري 9 سنتيمترات.
الراصدة العاكسة أو الراصدة
إِن مرآة الراصدة سطح مكافئ دوراني, خواص مقطعه الطولي تجعله نقطياً بالنسبة إِلى جسم نقطي واقع في اللانهاية على المحور. وفي الأحوال التي يكون فيها قطر الفتحة أصغر من 20 سم تقريباً يمكن الوصول عملياً إِلى هذه النتيجة حتى بالمرآة الكروية. إِن البعد البؤري للراصدة هو على وجه التقريب أصغر بثلاث مرات من البعد البؤري لمنظار يساويه في الفتحة. وفي ذلك فائدة كبيرة فيما يتعلق بالحاضن وقبة المرصد. ولا يكون هنالك إِلا سطح واحد يحتاج إِلى تشكيل, فالمادة التي تصنع منها المرآة ليس لها من دور سوى أنها حامل ميكانيكي للطبقة العاكسة التي تطلى بها, لذلك كان من الأسهل الحصول على مرايا لها أقطار أكبر كثيراً من أقطار الجسميات الكاسرة.
إِن المرايا الكبيرة ثقيلة جداً وينبغي سندها من ظهرها في عدد من النقاط, بوساطة جملة من الروافع لا اتجاهية أو مطلقة يتوافق ضغطها آلياً مع ميل المرآة من أجل التعويض عن إِجهاد الالتواء.
وتسمح الراصدة باستعمال عدة تركيبات بصرية تقليدية (مع الإِبقاء على المرآة الرئيسة عينها) وتكون الأبعاد البؤرية المتدرجة المكافئة لها واسطة لمضاعفة إِمكانية الجهاز. والراصدات أنواع منها:
راصدة نيوتن:
راصدة نيوتن
تقع البؤرة فيها مباشرة على محور المرآة, ولا يجلس الراصد عندها إِلا في حالة الراصدات الكبيرة وذلك بفضل حجرة معدَّة لهذه الغاية. ويُكتفى على نحو عام, بردّ الحزمة جانبياً بوساطة مرآة تميل بزاوية 45 على الحزمة المنعكسة (الشكل 2).
راصدة كاسِّغْران:
هذه التركيبة التي استنبطها عام 1672 الفيزيائي الفرنسي ن.
( الأشعة في راصدة كاسغران
كاسّغران Cassegrain تعتمد على مرآة ثانوية زائدية (قطع زائد) موضوعة على المحور قبل البؤرة بقليل, تعكس الحزمة من خلال فتحةٍ مركزية في وسط المرآة الرئيسة, فتحصل بهذه الصورة بؤرة مكافئة أكبر من البؤرة الرئيسة بـ 2إِلى 5 مرات, وتتولد صور أبعادها الخطية مكبَّرة بالنسبة عينها.وإِن الوصول إِلى البؤرة وراء المرآة سهل جداً (الشكل 3).
الراصدة ذات المرفق:
هذا الاسم الذي اشتُق من اسم الراصدة الاستوائية ذات المرفق, والتي غايتها كانت مماثلة, يعني تركيبة تمكّن من إِيصال الصورة إِلى داخل جُمل معقدة ثقيلة وتشغل حجماً كبيراً مثل مرسامات الطيف الكبيرة المركبة في مكان ثابت من المختبر. ترسل الحزمة أولاً في محور الميل ثم في المحور الأصلي المسمى «القطبي» وتُسْتَقبل في نهايته السفلى.
ولكل الراصدات الكبيرة هذا الجهاز الذي تنتج فيه في النهاية بؤرة أطول بـ 8 إِلى 10 أمثال البؤرة المباشرة.
الحواضن
إِن المناظير والراصدات تكون على شكل أنابيب يقتضي أن يتمكن الإِنسان من توجيهها نحو جميع نقط السماء وتحريكها بحيث تتبع الحركة اليومية للنجوم, فالمحور الرئيسي أوالقطبي يكون إِذاً موازياً لمحور العالم ويدور المنظار حوله بمعدل دورة واحدة كل 24ساعة نجمية. إِن الأجهزة المتوسطة القد تركّب في نهاية محور ميل قصير يحمل ثقلاً معادلاً في الطرف الآخر(الركوبة أو الحاضنة mounting الشكلان 6.4) وتركّب الراصدات غالباً بطريقة مماثلة, على أن يكون المحور القطبي مع ذلك ممسوكاً بمسطحتين: مسطحة في كل طرف (الحاضنة الإِنكليزية البسيطة مع الاستفادة من الوضع المنخفض لمركز الثقل في الجوار القريب من المرآة. ويمكن أيضاً وضع الأنبوب في مذراة. وهنالك بعض الآلات المفرطة الثقل قد ركِّبت في سرير هو مذراة مغلقة من الأعلى, ولذلك فإِنها تمنع من الرصد حيزاً شكله قبة حول القطب. وقد اختير من أجل راصدة جبل بالومار ذات الأمتار الخمسة, حل وسط وهو حل حدوة الحصان, حيث المحور ممسوك مسكاً جيداً في طرفيه, ويمكن للأنبوب أن يكون مضطجعاً على طول محور العالم.
وقد اعتمد على الركوبة ذات السرير أيضاً من أجل المناظير المسماة «مناظير خريطة السماء» وكانت وظيفتها تقتصر على تصوير مناطق محددة تماماً بعيداً عن القطب.
إِذا كانت الأشكال العامة للحواضن قد ثبتت تقريباً منذ أمد طويل, فإِن تحسينات تقنية قد أُدخلت على الأجهزة التي تقوم بتنقيل جهاز الرصد وتصويبه بحركات واسعة وسريعة, وبتصحيح موقعه بتنقيلات صغيرة من أجل الانتقال من جرم إِلى آخر والتحكم بتعريض تصويري إِلى نجم متحرك, ولم تعد الآن وضعية الجهاز تُقرأ عامة على دوائر تتفاوت في إِمكان الوصول إِليها, ولكن على مَقَارئ للمراقبة والتحكم, تُعلن عليها الزوايا بطريقة إِلكترونية, يمكن أيضاً عمل إِعلان مسبق للإِحداثيات المرغوب فيها والحصول على تصويب آلي للجهاز.
الموازنة بين إِمكانية الجهازين: المنظار والراصدة
لقد ظل المنظار أمداً طويلاً جهاز الرصد الوحيد في الفلك. ولم تحتل الراصدة العاكسة مكان الصدارة إِلا بعد أن تم استخدام الزجاج في صنع المرآة بدلاً من المعدن الذي صنعت منه المرايا الأولى. ومنذ عهد قريب جاء استعمال المواد الحديثة التي لها عامل تمدد معدوم تقريباً. إِن هذين الجهازين الفلكيين: المنظار والراصدة, بدلاً من أن يتزاحما قد أصبحا يتمم أحدهما الآخر.
إِن المناظير, ولها على الغالب فتحات تبلغ ق/18 أو ق/20 هي أطول من الراصدات بثلاث مرات عند تساوي قطر الفتحة مع الراصدات.
ومن جهة ثانية إِن صنع المرآة أسهل من صنع جسمية لها القطر نفسه, لذلك فإِن المناظير قد ظلت على المقاسات التي كانت تصنع عليها في نهاية القرن التاسع عشر وأقواها هو منظار مرصد يركس Yerkes الواقع على خليج وليامز, وهو تابع لجامعة شيكاغو ويبلغ قطر فتحة هذا المنظار 102 سم وقد صنع عام 1897, ومنظار مرصد ليك Lick(91 سم,عام 1888) ومنظار مرصد ميدون Medon (83 سم, عام 1896), أما الراصدات فقد تابعت تقدمها, ففي أول القرن العشرين لم تكن هنالك أية راصدة يتجاوز قطرها متراً واحداً. ولكن في عام 1917 صنع جورج ريتشي George Ritchey راصدة قطر فتحتها 250 سم, رُكبت في مرصد جبل ولْسون, ويوجد في الوقت الحاضر قرابة اثنتي عشرة راصدة يتجاوز قطرها المترين, أكبرها الراصدة ذات الـ 500 سم المركبة في مرصد جبل بالومار, وراصدة قطرها 600 سم مركبة في شمال جبال القوقاز في الاتحاد السوفييتي, كما توجد عدة راصدات قيد التصميم بـ 3.5م و 4م.
إِن الراصدة هي الآلة المثالية لبحوث فيزياء النجوم بفضل قطرها الكبير ولا لونيتها التامة والانعدام الكامل لكل ترشيح ضوئي من أي عضو بصري في أكثر تركيباتها. ولدى الموازنة بين الراصدة والمنظار في حالة تساوي الفتحة فيهما, فإِن الراصدة أصغر حجماً من المنظار وأقل تعرضاً للتقوس وأسهل على الموازنة وعلى التوجيه. ولكن نادراً ما ترى في الراصدة صورة الانعراج النظرية لنجم, وهي بقعة مركزية تحيط بها حلقات مظلمة ومضيئة على التناوب. وإِن الإِنسان ولو حزر وجودها حزراً, فإِنها تكون دوماً غارقة في ضياء طفيلي.
إِن المنظار هو آلة التصويب المثلى من بين جميع آلات رصد مواقع النجوم, سواء أكانت آلات مراقبة أم آلات تصوير, وحجمه غير مربك إِذا لم يتجاوز قطر جسميته 20 إِلى 40 سم, وهو صلب قليل التحسس بالاضطرابات الجوية ويمكنه أن يكشف نجوماً بمراتب العظمة العادية للنجوم الواردة في الفهارس, فيمكن إِذن القيام بوساطة المناظير بعمل منتظم جداً. أما المناظير الكبيرة, فهي, خلافاً لذلك, لا يمكن استعمالها دوماً بكامل قدرتها, ولكن حين تكون الشروط مواتية فإِنها هي الوحيدة التي تستطيع إِعطاء أدق الأرصاد والقياسات, في حالة النجوم المزدوجة المتراصة مثلاً وسطوح الكواكب السيارة. إِن مقدرة الفصل التي يعينها ويحددها حد الفصل
تمثل في الواقع نصف قطر أول حلقة مظلمة من صورة الانعراج. وأحسن معيار لنوعية الجسمية وجودتها هو رصد النجوم المزدوجة المتراصة, وذلك هو أيضاً أحد الاستعمالات التي تناسبها, فإِذا كانت الزاوية بين مركبتي النجم تساوي حد الفصل (يه), فإِنه يُرى عندئذ قرصان متقاطعان تقاطعاً كبيراً ولكنهما مع ذلك قابلان للتمييز, ويظل ذلك ممكناً في حالة زوايا أصغر من ذلك أيضاً, فترى عندئذ صورة غير مميزة ولكنها متطاولة تطاولاً يمكّن من القيام بقياسات زاوية ويمكّن في أسوأ الحالات من إِجراء تقدير جيد للبعد الزاوي بين مركبتي النجم المزدوج يرتكز على مظهر الصورة.إِن جميع المراقبين والراصدين المتمرنين يتفقون على أن أحسن الشروط الجوية تمكّن الجسمية الجيدة من عمل قياسات جيدة حتى قيم فصل مقدارها , ومشاهدة ازدواج زوجين غير مفصولين بين هذا الحد وبين يه/2
آلات الفلك الخاصة
إِن الأجهزة التي تستشعر صورة النجوم أو إِشعاعها تستعار غالباً مع تهيئاتها المفيدة من مختبر الفيزياء مثل: مقاييس شدة الضوء, ومسجلات الطيف وغيرها.
راصدة شميدت:
في عام 1930 بيّن برنهارد شميدت Schmidt وهو من مرصد همبورغ أنه يمكن الحصول على صور مضبوطة في حقل واسع بوساطة مرآة كروية تسبقها صفيحة مصحِحة يحسب مقطعها الزوالي لهذا الغرض.
إِن راصدة شميدت كثيرة الانتشار وأكبر هذه الراصدات لها مرايا قطر فتحتها 2م وصفيحة أكبر من متر. تتلقى الصورة على سطح منحن يطبق عليه إِما «فيلم» يثبت عليه بالامتصاص وإِما صفيحة رقيقة تجرب قبلاً في مكبس تقسر فيه تحت انحناء مضاعف
المنظار الزوالي:
ظل هذا المنظار - الذي يسمى أيضاً الدائرة الزوالية - الأداة الأساسية لتعيين المواقع. وهو منظار لا يمسح سوى مستوى الزوال, إِذ يقرأ الراصد الارتفاع الظاهري للتصويب بدقة كبيرة على دائرة مدرجة تصوب بوساطة 4 أو6 أو 8 مجاهر مركبة بشكل مضلع منتظم, وعندما يمر نجم في هذا المستوى يتم التعيين في آن واحد للساعة النجمية وللارتفاع بإِعطاء الإِحداثيين الاستوائيين لهذا النجم. وأما الميقاتية المشتركة مع هذا الجهاز فيُتحقق منها برصد عدد من النجوم تدعى «أساسية» في الحين الذي تقوم فيه جهازية تقليدية للقياس, فوق حوض زئبقي وشواخص ومجمعات, بإِعطاء ثابتات الجهاز (ميل المحور وسَمْته والقراءة عند السمت والتجميع) وهذه الثابتات تدخل في تصحيحات للساعات وللارتفاعات الإِجمالية المقيسة. وهكذا تكون الدقة من رتبة 0.02 ثا في الطلوع المستقيم night ascension و0.3 في الميل declination (البعد عن خط الاستواء).
الاسطرلاب ذو الموشور:
مبدأ الاسطرلاب ذي الموشور
في هذا الجهاز يُلتقط النجم عند مروره بالارتفاع الظاهري 60 برصد الانطباق بين صورتين حاصلتين تبعاً لمسارين مختلفين انطلاقاً من الحزمة الواردة, ولما كانت إِحداهما ناتجة من انعكاس واحد والأخرى من انعكاسين, فإِن الحركة اليومية تجعلهما تسيران في اتجاهين متعاكسين. ويتعين الارتفاع النموذجي بكامله بزاوية الموشور لا بالتوجيه الصحيح لوجهه الخلفي أوتوجيه المنظار,
للاسطرلاب ذي الموشور لدانجون
إِن هذا الجهاز, بشكله الحديث الذي صنعه في عام 1954الفلكي أندريه دانجون Andre Danjon (1890-1967) قد أعطى نتائج دقيقة جداً في عدة مجالات أساسية: فهارس النجوم, وحركة القطب, وعدم التساوي في دوران الأرض.
المصوَّرة الإِلكترونية:
في عام 1935سعى أندريه لالمان Andre Lallemand (المولود في عام 1904) للاستفادة من خواص الطبقات الحساسة ضوئياً من أجل زيادة إِمكانات أجهزة الرصد. ففي مصوّرته الإِلكترونية يوجَّه الضوء إِلى مهبط ضوئي يُصدر تدفقاً من الإِلكترونات بعدد متناسب تماماً مع عدد الفوتونات الواردة, ثم تجمَّع هذه الحزمة على لوحة مناسبة للحصول على صورة إِلكترونية للجسم. إِن هذا الجهاز يضاعف الحساسية بنسبة 50 إِلى 100مرة, ويمكّن من الحصول على صورة فورية تقريباً للنجوم والكواكب السيارة وهو ينطبق على كشف النجوم الشديدة الضعف ودراستها وعلى بعض المنابع الراديوية الضوئية وعلى التصوير الإِلكتروني للسيارات وعلى التسجيل الطيفي الشديد الدقة.
لقد ظل الرصد الفلكي يجري بالعين المجردة حتى بداية القرن السابع عشر, حين اخترع العالم نيوتن في الثلث الأخير من القرن ذاته الراصدة الفلكية العاكسة. ومنذ ذلك الحين مازالت هاتان الآلتان تتلقيان التحسين والعناية حتى أصبحتا على الشكل المتقن الذي بلغتاه اليوم ويطلب الآن من جهاز الرصد أن يوفر للفلكي الأمور الثلاثة الآتية وهي: تلقي إِشعاع النجوم على جهاز الاستقبال (وهو العين أو لوحة التصوير أوالمطياف..), وتشكيل صورة لجرم أو لمنطقة معينة من السماء في المستوى البؤري (المحرقي) للجهاز, والفصل بين أجرامٍ واقعة على بعدٍ زاوي صغير فيما بينها, مما يجعل العين المجردة غير قادرة على الفصل بينها لولا جهاز الرصد.
إِن القسم البصري الأساسي في المنظار أو في الراصدة هوالجسمية. ويتلخص عملها في تلقي الضوء الآتي من الجرم السماوي وإِنشاء صورة له أو لمنطقة من السماء. وتتصل الجسمية بأداة الاستقبال بوساطة أنبوب. أما القسم الميكانيكي الذي يحمل الأنبوب ويوفّر له توجيهه فيسمى الحاضنة mounting. وإِذا كان مستقبل الضوء هو العين, فإِن المنظار ينبغي بالضرورة أن يكون مزوَّداً بعينية eye- piece لفحص الصورة التي تشكلها جسمية الجهاز.
وأما في حالات الرصد بالتصوير أو الرصد الكهرضوئي أو الطيفي, فلا حاجة إِلى العينية. إِن لوحة التصوير وشق المطياف, والحجاب الذي يتحكم في شدة الضوء الكهربائي, تركَّب مباشرة في المستوى البؤري للجهاز.
إِن الراصدة التي جسميتها عدسات تسمى راصدة كاسرة أو منظاراً. ولما كانت الأشعة الضوئية التي لها أطوال موجية مختلفة تنكسر بزوايا انكسار مختلفة, فإِن الجسمية المؤلفة من عدسة واحدة تشكل صورة مقزَّحة. هذه الظاهرة تسمى الزيغ اللوني chromatic aberration وهذا الزيغ يمكن أن يصبح زهيداً إِذا تكونت الجسمية من عدستين تحققان شروطاً معينة (وذاك في الجسمية اللالونية).
أما قوانين الانعكاس فلا تتعلق بطول موجة الضوء, لذلك انصرف التفكير إِلى أن يُستبدَل بالجسمية ذات العدسات مرآة كروية مقعَّرة. فالمنظار الفلكي الذي يعمل على هذه الطريقة يسمى راصدة عاكسة refracting telescope أو راصدة. وأول راصدة كان قطر فتحتها 3 سم فقط وطولها لا يتجاوز 15 سم, وقد صنعها نيوتن عام 1671, أي بعد منظار غاليليو بـ71 سنة. أما اليوم فهناك راصدة قطر فتحتها 5 أمتار وأخرى قطر فتحتها 6 أمتار.
مرآة كروية أو مكافئية
إِن المرآة الكروية لا تجمِّع أشعة الحزمة المتوازية في البؤرة تماماً, ولكنها تشكل في البؤرة بقعة غير واضحة الحافة. إِن هذا التشويش في الصورة يسمى زيغاً كروياً spherical aberration. أما إِذا جُعل شكل المرآة قطعاً مكافئاً دورانياً مجسماً, فإِن الزيغ الكروي يزول, وعندئذ, إِذا سقطت على المرآة حزمة متوازية موجَّهة وفقاً لمحور هذا القطع المكافئ, تجمّعت الأشعة في البؤرة بلا تشويش تقريباً, ما عدا التشويش الناجم عن الانعراج (الحيود) diffraction وهذا ما دفع إِلى اختيار شكل القطع المكافئ في مرايا الراصدات الحديثة
لقد كان الهدف الأساسي للرصد بالمناظير والراصدات, حتى نهاية القرن التاسع عشر, هو دراسة المواقع الظاهرية للنجوم.
وكان هنالك دور مهم لرصد المذنَّبات وتفاصيل أقراص الكواكب السيارة, وكل هذه الأرصاد كانت تجري بالبصر, وكان المنظار الكاسر المزوَّد بجسمية ذات عدستين يكفي تماماً لحاجات ذلك العهد.
في أواخر القرن التاسع عشر, وفي القرن العشرين, طرأ على الفلك بوصفه علماً, تغيرات جوهرية, إِذ انتقل مركز ثقل البحوث إِلى نطاق فيزياء النجوم وإِلى فلك النجوم, وأصبح الهدف الرئيسي للبحوث دراسة المميزات الفيزيائية للشمس والكواكب السيارة والنجوم والمنظومات النجمية. وظهرت أدوات مستقبلة للإِشعاع جديدة هي لوحة التصوير والخلية الكهرضوئية, وتم تطبيق الكشف الطيفي على نطاق واسع, لذلك فإِن المطالب والشروط التي غدت مفروضة على الراصدات, صار عليها أن تفي في المستقبل بمتطلبات غير التي كانت تفي بها قبلاً.
لقد غدا من المرغوب في بحوث فيزياء النجوم ألاّ تفرِض بصريات الراصدات أي قيود على الفاصل المتاح والمتيسر من أطوال أمواج الضوء: لأن الحدود والقيود التي يفرضها جو الأرض مفرطة في حد ذاتها. ولكن العدسات تُصنع من زجاج يمتص الإِشعاعات فوق البنفسجية والإِشعاعات تحت الحمراء, وإِن مدى حساسية لوحات التصوير والخلايا الكهرضوئية يشمل نطاقاً من الطيف أوسع من نطاق حساسية العين وإِن تأثير الزيغ اللوني في هذه المستقبلات هو أقوى.
لذلك فإِن الأبحاث والدراسات التي تجري في نطاق فيزياء النجوم تقتضي استعمال الأجهزة العاكسة, إِضافة إِلى أن صنع مرآة كبيرة للعاكس أسهل بكثير من صنع جسمية لا لونية ذات عدستين, لأنه بدلاً من معالجة أربعة سطوح كاسرة بدقة بصرية (أقل من ثُمن طول الموجة λ تقريباً, أي 0.1 مكرون تقريباً من أجل أشعة الإِبصار) لا يضطر صانع الجهاز إِلى أن يهتم إِلا بسطح واحد, إِضافة إِلى أنه لا يتحتم عليه عندئذ أن يراعي قيوداً شديدة تتعلق بالتجانس الذي يتطلبه زجاج العدسات. إِن كل هذه الأمور قد جعلت من العاكس الجهاز الأساسي لفيزياء النجوم, أما بحوث قياسات النجوم فتُستعمل فيها عدسات كاسرة. ذلك أن العاكسات حساسة جداً بأدنى دوران طارئ يصيب المرآة فيها لأن زاوية الورود تساوي زاوية الانعكاس, فإِذا دارت المرآة المستوية بزاوية قدرها يه, انتقلت الصورة (الخيال) بزاوية قدرها 2يه. وأما الانتقال الذي يولده دوران مماثل لعدسة جسمية فهو أصغر, وما دامت مواقع النجوم في بحوث القياسات النجمية يجب أن تقاس بالدقة العظمى, فإِن اختيار العدسات الكاسرة هو المفضَّل.
إِن الصورة التي يولدها العاكس ذو المرآة المكافئية واضحة جداً, كما سبق ذكره ولكن يقتضي هنا إِبداء احتياط: يجوز أن تُعدّ الصورة كاملة ما دامت قريبة من المحور, ولكن الابتعاد عن المحور يُظهر فيها تشويهات, فالعاكس الذي له مرآة مكافئية واحدة لا يمكَّن من تصوير مناطق كبيرة من السماء, من رتبة 5 درجات ×5 درجات مثلاً, وذلك أمر ضروري لدراسة الحشود النجمية والمجرات والسدم المجريّة, لذلك فمن أجل الأرصاد التي تتطلب حقلاً واسعاً تُصنع كواسر - عواكس تُصحَّح فيها زيوغ المرآة بعدسة رقيقة تكون في أغلب الأحوال شفافة للأشعة فوق البنفسجية. وقد كانت مرايا العاكسات قديماً ما بين القرن الثامن عشر والقرن التاسع عشر تصنع من أشابة (سبيكة) معدنية خاصة. ثم بعد ذلك, لأسباب تقنية استعاض صانعو الآلات البصرية عن المعدن بالزجاج. يعالج أولاً معالجة بصرية, ثم يغطى بطبقة رقيقة من المعدن ذات معامل انعكاس كبير (الألمنيوم خاصة).
المميزات الرئيسية للأجهزة الفلكية:
إِن العنصرين الرئيسيين المميزين للمنظار وللراصدة هما:قطر الجسمية (قط), وبعدها البؤري (ق). وكلما كان القطر أكبر كان التدفق الضوئي (تد) الذي يلتقطه الجهاز أكبر, وتعطى عبارة التدفق بالصيغة:
حيث(ض) هي استنارة الجسمية و(سط) سطحها. إِن ما يميز الجهاز الفلكي, سواء أكان منظاراً أم راصدة, شيئان هما مقدرة الفصل resolving power والتجسيم magnification.
مقدرة الفصل:
نظراً لظواهر الانعراج الناجمة عن الطبيعة الموجية للضوء, لا تكون صورةُ النقطة الضوئية المشكَّلة بوساطة جسمية (عدسة كانت أو مرآة) نقطة بل بقعة, ولما كان محيط الجسميات مستديراً, فإِن هذه الصورة تكون في الواقع بقعة ضوئية صغيرة مستديرة, ضياؤها أعظمي في مركزها, وتحيط بها حلقات متحدة المركز, هي على التناوب مظلمة ومضيئة. وهذه الحلقات المضيئة يتناقص ضياؤها بسرعة بحيث لا ترى إِلا البقعة الصغيرة.
إِن الزاوية (يه) التي تقابل في السماء نصف قطر أول حلقة مظلمة تحيط بالبقعة المضيئة تعطى بالصيغة :
حيث تقدَّر (يه) بالراديان, وحيث (قط): قطر فتحة الجسمية. ويمكن أيضاً تقدير (يه) بثواني القوس و(قط) بالسنتيمترات, وبتطبيق الصيغة السابقة باعتبار طول الموجة λ, طول موجة الشعاع الأصغر (وهو الذي تبلغ عنده حساسية العين قيمتها العظمى), تصبح الصيغة عندئذ:
وتمثل الزاوية (يه) قياس أصغر التفاصيل الدقيقة التي تمكِّن الآلة البصرية من رؤيتها وتمييزها, أو بعبارة أخرى: البعد الزاوي لنجميْن يمكن رؤيتهما مفصولين أحدهما عن الآخر. وهذه هي العبارة النظرية لمقدرة الفصل.
إِن مقدرة الفصل تكون أحسن كلما صغرت قيمتها. وهكذا فكلما كان قطر جسمية الآلة البصرية (قط) أكبر كانت مقدرة الفصل لهذه الآلة أحسن. ومن جهة ثانية, عندما يكون القطر محدداً, تصغر مقدرة الفصل عند ازدياد طول موجة الضوء.
إِن مقدرة الفصل النظرية للراصدة التي قطر فتحتها 5 أمتار, المركبة في مرصد جبل بالومار Palomar بكاليفورنية هي 0.024 ثانية, أما في الواقع, وبمراعاة اضطراب الجو فإِن من الشاذ أن تهبط قيمة مقدرة الفصل دون 0.1 ثانية.
التجسيم :
تتعين مقدرة المنظار الفلكي خاصة بالتجسيم الذي يمكِّن من استعمال المنظار استعمالاً مفيداً, وهو مع بقاء جميع الشروط الأخرى على حالها, يتعلق بضيائه وبمقدرة الفصل فيه. إِن التجسيم لا يتحدد إِلا في حالة الرصد بالعين, وذلك بوساطة عينية تتألف دوماً من عدستين يكون لهما حقل زاوي خاص أكبر بكثير من حقل المكبرة البسيطة, وزيغ هندسي أقل. والتجسيم موجب دوماً بحيث يتيح استعمال معلمات مادية مثل الخيوط أو المكرومترات المنقوشة على الزجاج, في مستوي الصورة البؤرية الذي هو المستوى البؤري الجسمي للجملة العينية, فإِذا كان البعد البؤري الناتج لهذه الجملة (ق) والبعد البؤري لجسمية النظارة (ق), فإِن التجسيم الحاصل هو:
ولما كان بؤبؤ الدخول إِلى الجهاز هو الحافة الحرة للجسيمة, فإِن بؤبؤ الخروج هو صورته التي تكونها العينية أو القرص العيني, وهي صورة حقيقية وتقع إِلى الوراء قليلاً من العدسة الثانية التي تسمى عدسة العين, في حين أن العدسة الأولى هي عدسة الحقل, فإِذا كان قطر هذه العدسة (قطَ) فإِنه يمكن كتابة التجسيم أيضاً على النحو:
حيث (قط): قطر جسمية المنظار, فيمكن إِذاً حساب (تج) انطلاقاً من قياس (قطَ), وقد كان هذا مبدأ قياس التجسيم (دينامتر) لرمْسدن Ramsden حيث كان يُجلب إِلى مستوى حلقة البقعة زجاجة شفافة قد نقش عليها سلم دقيق جداً ينظر إِليه بمكبّرة تمكِّن مباشرة من قراءة قيمة (قطَ). هناك قيمة دنيا تجد للتجسيم تسمى «متساوية البؤبؤ» إِذا نزلنا إِلى ما هو أدنى منها لا تتم الاستفادة من الجسمية بكاملها, وقيمتها
ذلك لأنه إذا كان تجذ> تج
فإِن بؤبؤ الخروج يفيض على بؤبؤ العين, وهذا الأخير يحجب أو يحظر بنفسه بؤبؤ الدخول المفيد فينقص الضياء الفعلي للجهاز.
يُعرَّف كذلك تجسيم أدنى تكون مقدرة الفصل - ابتداءً منه - قد استُثمرت استثماراً حسناً. وينبغي من أجل ذلك لهذا التجسيم الذي يسمى «الفاصل» تج أن يُري مقدرة فصل الجسمية ضمن زاوية تساوي حدة البصر, أي دقيقة واحدة أو 60 ثانية.
وينتج أن تج ف = 3 تج د
وهكذا, فإِن الجسمية التي قطرها 60 سم, يكون فيها تجف=300 وتجد=100
الراصدة الكاسرة أو المنظار
إِن جسمية المنظار هي دوماً زوج لا لوني من العدسات. ولا يظهر الزيغ اللوني إِلا في الآلات الكبيرة, فيبدو هدباً بنفسجياً على حافة القمر, أو هالةً من اللون نفسه حول النجوم الشديدة اللمعان. وهناك بعض الجسميات تتألف من ثلاثيات بحيث أن تصحيحها من حيث اللالونية أميز من الأولى ولكن قطرها محدود بـ 20سم تقريباً لأنها تتطلب عدسات خاصة جداً, منحوتة وفقاً لسطوح كبيرة الانحناء, ولذلك فإِن مَرْكَزَتها صعبة وكلفتها كبيرة. إِن الجسميات المؤلفة من عدستين فيها تعويض جيد للزيوغ الهندسية (الزيغ الكروي والتذنب والتشوه) التي توجد في العدسة البسيطة. ويوجد من هذه الثنائيات عدة أشكال تقليدية يختلف بعضها عن بعض ولاسيما بانحناءات وجوه العدسات المستعملة, بحسب ما يكون المطلوب فيها هو الوضوح إِلى أبعد إِمكاناته مع نعومة الصورة على المحور, أو الحصول على صورة صحيحة مضبوطة ضمن حقل متسع, ويكون المطلوب أحياناً بعداً بؤرياً أقصر مع فتحة معينة.
تركّب العدسات في طاحونة مع وصلة تجنِّبها الضغط ولكن من دون أن تترك للعدسات مجالاً للتحرك في مكانها. إِن الجسميات الصغيرة وحدَها, أي التي قطرها أصغر من 4 سم, التي توجد في المصوِّبات أو في غيرها من الأدوات الملحقة, تلصق بوساطة صمغ كندا, وأما جسميات المناظير فإِن عدساتها تكون مفصولة بثلاثة أسناد موزعة على 120 درجة وموضوعة على المحيط. ويرافق المنظار حقيبة فيها عدد من العينيات تُراوح أبعادها البؤرية بين بضعة دسيمترات وبضعة مليمترات. وأطول هذه العينيات هي التي تعطي التجسيم (تجد ) ويبلغ بعدها البؤري 9 سنتيمترات.
الراصدة العاكسة أو الراصدة
إِن مرآة الراصدة سطح مكافئ دوراني, خواص مقطعه الطولي تجعله نقطياً بالنسبة إِلى جسم نقطي واقع في اللانهاية على المحور. وفي الأحوال التي يكون فيها قطر الفتحة أصغر من 20 سم تقريباً يمكن الوصول عملياً إِلى هذه النتيجة حتى بالمرآة الكروية. إِن البعد البؤري للراصدة هو على وجه التقريب أصغر بثلاث مرات من البعد البؤري لمنظار يساويه في الفتحة. وفي ذلك فائدة كبيرة فيما يتعلق بالحاضن وقبة المرصد. ولا يكون هنالك إِلا سطح واحد يحتاج إِلى تشكيل, فالمادة التي تصنع منها المرآة ليس لها من دور سوى أنها حامل ميكانيكي للطبقة العاكسة التي تطلى بها, لذلك كان من الأسهل الحصول على مرايا لها أقطار أكبر كثيراً من أقطار الجسميات الكاسرة.
إِن المرايا الكبيرة ثقيلة جداً وينبغي سندها من ظهرها في عدد من النقاط, بوساطة جملة من الروافع لا اتجاهية أو مطلقة يتوافق ضغطها آلياً مع ميل المرآة من أجل التعويض عن إِجهاد الالتواء.
وتسمح الراصدة باستعمال عدة تركيبات بصرية تقليدية (مع الإِبقاء على المرآة الرئيسة عينها) وتكون الأبعاد البؤرية المتدرجة المكافئة لها واسطة لمضاعفة إِمكانية الجهاز. والراصدات أنواع منها:
راصدة نيوتن:
راصدة نيوتن
تقع البؤرة فيها مباشرة على محور المرآة, ولا يجلس الراصد عندها إِلا في حالة الراصدات الكبيرة وذلك بفضل حجرة معدَّة لهذه الغاية. ويُكتفى على نحو عام, بردّ الحزمة جانبياً بوساطة مرآة تميل بزاوية 45 على الحزمة المنعكسة (الشكل 2).
راصدة كاسِّغْران:
هذه التركيبة التي استنبطها عام 1672 الفيزيائي الفرنسي ن.
( الأشعة في راصدة كاسغران
كاسّغران Cassegrain تعتمد على مرآة ثانوية زائدية (قطع زائد) موضوعة على المحور قبل البؤرة بقليل, تعكس الحزمة من خلال فتحةٍ مركزية في وسط المرآة الرئيسة, فتحصل بهذه الصورة بؤرة مكافئة أكبر من البؤرة الرئيسة بـ 2إِلى 5 مرات, وتتولد صور أبعادها الخطية مكبَّرة بالنسبة عينها.وإِن الوصول إِلى البؤرة وراء المرآة سهل جداً (الشكل 3).
الراصدة ذات المرفق:
هذا الاسم الذي اشتُق من اسم الراصدة الاستوائية ذات المرفق, والتي غايتها كانت مماثلة, يعني تركيبة تمكّن من إِيصال الصورة إِلى داخل جُمل معقدة ثقيلة وتشغل حجماً كبيراً مثل مرسامات الطيف الكبيرة المركبة في مكان ثابت من المختبر. ترسل الحزمة أولاً في محور الميل ثم في المحور الأصلي المسمى «القطبي» وتُسْتَقبل في نهايته السفلى.
ولكل الراصدات الكبيرة هذا الجهاز الذي تنتج فيه في النهاية بؤرة أطول بـ 8 إِلى 10 أمثال البؤرة المباشرة.
الحواضن
إِن المناظير والراصدات تكون على شكل أنابيب يقتضي أن يتمكن الإِنسان من توجيهها نحو جميع نقط السماء وتحريكها بحيث تتبع الحركة اليومية للنجوم, فالمحور الرئيسي أوالقطبي يكون إِذاً موازياً لمحور العالم ويدور المنظار حوله بمعدل دورة واحدة كل 24ساعة نجمية. إِن الأجهزة المتوسطة القد تركّب في نهاية محور ميل قصير يحمل ثقلاً معادلاً في الطرف الآخر(الركوبة أو الحاضنة mounting الشكلان 6.4) وتركّب الراصدات غالباً بطريقة مماثلة, على أن يكون المحور القطبي مع ذلك ممسوكاً بمسطحتين: مسطحة في كل طرف (الحاضنة الإِنكليزية البسيطة مع الاستفادة من الوضع المنخفض لمركز الثقل في الجوار القريب من المرآة. ويمكن أيضاً وضع الأنبوب في مذراة. وهنالك بعض الآلات المفرطة الثقل قد ركِّبت في سرير هو مذراة مغلقة من الأعلى, ولذلك فإِنها تمنع من الرصد حيزاً شكله قبة حول القطب. وقد اختير من أجل راصدة جبل بالومار ذات الأمتار الخمسة, حل وسط وهو حل حدوة الحصان, حيث المحور ممسوك مسكاً جيداً في طرفيه, ويمكن للأنبوب أن يكون مضطجعاً على طول محور العالم.
وقد اعتمد على الركوبة ذات السرير أيضاً من أجل المناظير المسماة «مناظير خريطة السماء» وكانت وظيفتها تقتصر على تصوير مناطق محددة تماماً بعيداً عن القطب.
إِذا كانت الأشكال العامة للحواضن قد ثبتت تقريباً منذ أمد طويل, فإِن تحسينات تقنية قد أُدخلت على الأجهزة التي تقوم بتنقيل جهاز الرصد وتصويبه بحركات واسعة وسريعة, وبتصحيح موقعه بتنقيلات صغيرة من أجل الانتقال من جرم إِلى آخر والتحكم بتعريض تصويري إِلى نجم متحرك, ولم تعد الآن وضعية الجهاز تُقرأ عامة على دوائر تتفاوت في إِمكان الوصول إِليها, ولكن على مَقَارئ للمراقبة والتحكم, تُعلن عليها الزوايا بطريقة إِلكترونية, يمكن أيضاً عمل إِعلان مسبق للإِحداثيات المرغوب فيها والحصول على تصويب آلي للجهاز.
الموازنة بين إِمكانية الجهازين: المنظار والراصدة
لقد ظل المنظار أمداً طويلاً جهاز الرصد الوحيد في الفلك. ولم تحتل الراصدة العاكسة مكان الصدارة إِلا بعد أن تم استخدام الزجاج في صنع المرآة بدلاً من المعدن الذي صنعت منه المرايا الأولى. ومنذ عهد قريب جاء استعمال المواد الحديثة التي لها عامل تمدد معدوم تقريباً. إِن هذين الجهازين الفلكيين: المنظار والراصدة, بدلاً من أن يتزاحما قد أصبحا يتمم أحدهما الآخر.
إِن المناظير, ولها على الغالب فتحات تبلغ ق/18 أو ق/20 هي أطول من الراصدات بثلاث مرات عند تساوي قطر الفتحة مع الراصدات.
ومن جهة ثانية إِن صنع المرآة أسهل من صنع جسمية لها القطر نفسه, لذلك فإِن المناظير قد ظلت على المقاسات التي كانت تصنع عليها في نهاية القرن التاسع عشر وأقواها هو منظار مرصد يركس Yerkes الواقع على خليج وليامز, وهو تابع لجامعة شيكاغو ويبلغ قطر فتحة هذا المنظار 102 سم وقد صنع عام 1897, ومنظار مرصد ليك Lick(91 سم,عام 1888) ومنظار مرصد ميدون Medon (83 سم, عام 1896), أما الراصدات فقد تابعت تقدمها, ففي أول القرن العشرين لم تكن هنالك أية راصدة يتجاوز قطرها متراً واحداً. ولكن في عام 1917 صنع جورج ريتشي George Ritchey راصدة قطر فتحتها 250 سم, رُكبت في مرصد جبل ولْسون, ويوجد في الوقت الحاضر قرابة اثنتي عشرة راصدة يتجاوز قطرها المترين, أكبرها الراصدة ذات الـ 500 سم المركبة في مرصد جبل بالومار, وراصدة قطرها 600 سم مركبة في شمال جبال القوقاز في الاتحاد السوفييتي, كما توجد عدة راصدات قيد التصميم بـ 3.5م و 4م.
إِن الراصدة هي الآلة المثالية لبحوث فيزياء النجوم بفضل قطرها الكبير ولا لونيتها التامة والانعدام الكامل لكل ترشيح ضوئي من أي عضو بصري في أكثر تركيباتها. ولدى الموازنة بين الراصدة والمنظار في حالة تساوي الفتحة فيهما, فإِن الراصدة أصغر حجماً من المنظار وأقل تعرضاً للتقوس وأسهل على الموازنة وعلى التوجيه. ولكن نادراً ما ترى في الراصدة صورة الانعراج النظرية لنجم, وهي بقعة مركزية تحيط بها حلقات مظلمة ومضيئة على التناوب. وإِن الإِنسان ولو حزر وجودها حزراً, فإِنها تكون دوماً غارقة في ضياء طفيلي.
إِن المنظار هو آلة التصويب المثلى من بين جميع آلات رصد مواقع النجوم, سواء أكانت آلات مراقبة أم آلات تصوير, وحجمه غير مربك إِذا لم يتجاوز قطر جسميته 20 إِلى 40 سم, وهو صلب قليل التحسس بالاضطرابات الجوية ويمكنه أن يكشف نجوماً بمراتب العظمة العادية للنجوم الواردة في الفهارس, فيمكن إِذن القيام بوساطة المناظير بعمل منتظم جداً. أما المناظير الكبيرة, فهي, خلافاً لذلك, لا يمكن استعمالها دوماً بكامل قدرتها, ولكن حين تكون الشروط مواتية فإِنها هي الوحيدة التي تستطيع إِعطاء أدق الأرصاد والقياسات, في حالة النجوم المزدوجة المتراصة مثلاً وسطوح الكواكب السيارة. إِن مقدرة الفصل التي يعينها ويحددها حد الفصل
تمثل في الواقع نصف قطر أول حلقة مظلمة من صورة الانعراج. وأحسن معيار لنوعية الجسمية وجودتها هو رصد النجوم المزدوجة المتراصة, وذلك هو أيضاً أحد الاستعمالات التي تناسبها, فإِذا كانت الزاوية بين مركبتي النجم تساوي حد الفصل (يه), فإِنه يُرى عندئذ قرصان متقاطعان تقاطعاً كبيراً ولكنهما مع ذلك قابلان للتمييز, ويظل ذلك ممكناً في حالة زوايا أصغر من ذلك أيضاً, فترى عندئذ صورة غير مميزة ولكنها متطاولة تطاولاً يمكّن من القيام بقياسات زاوية ويمكّن في أسوأ الحالات من إِجراء تقدير جيد للبعد الزاوي بين مركبتي النجم المزدوج يرتكز على مظهر الصورة.إِن جميع المراقبين والراصدين المتمرنين يتفقون على أن أحسن الشروط الجوية تمكّن الجسمية الجيدة من عمل قياسات جيدة حتى قيم فصل مقدارها , ومشاهدة ازدواج زوجين غير مفصولين بين هذا الحد وبين يه/2
آلات الفلك الخاصة
إِن الأجهزة التي تستشعر صورة النجوم أو إِشعاعها تستعار غالباً مع تهيئاتها المفيدة من مختبر الفيزياء مثل: مقاييس شدة الضوء, ومسجلات الطيف وغيرها.
راصدة شميدت:
في عام 1930 بيّن برنهارد شميدت Schmidt وهو من مرصد همبورغ أنه يمكن الحصول على صور مضبوطة في حقل واسع بوساطة مرآة كروية تسبقها صفيحة مصحِحة يحسب مقطعها الزوالي لهذا الغرض.
إِن راصدة شميدت كثيرة الانتشار وأكبر هذه الراصدات لها مرايا قطر فتحتها 2م وصفيحة أكبر من متر. تتلقى الصورة على سطح منحن يطبق عليه إِما «فيلم» يثبت عليه بالامتصاص وإِما صفيحة رقيقة تجرب قبلاً في مكبس تقسر فيه تحت انحناء مضاعف
المنظار الزوالي:
ظل هذا المنظار - الذي يسمى أيضاً الدائرة الزوالية - الأداة الأساسية لتعيين المواقع. وهو منظار لا يمسح سوى مستوى الزوال, إِذ يقرأ الراصد الارتفاع الظاهري للتصويب بدقة كبيرة على دائرة مدرجة تصوب بوساطة 4 أو6 أو 8 مجاهر مركبة بشكل مضلع منتظم, وعندما يمر نجم في هذا المستوى يتم التعيين في آن واحد للساعة النجمية وللارتفاع بإِعطاء الإِحداثيين الاستوائيين لهذا النجم. وأما الميقاتية المشتركة مع هذا الجهاز فيُتحقق منها برصد عدد من النجوم تدعى «أساسية» في الحين الذي تقوم فيه جهازية تقليدية للقياس, فوق حوض زئبقي وشواخص ومجمعات, بإِعطاء ثابتات الجهاز (ميل المحور وسَمْته والقراءة عند السمت والتجميع) وهذه الثابتات تدخل في تصحيحات للساعات وللارتفاعات الإِجمالية المقيسة. وهكذا تكون الدقة من رتبة 0.02 ثا في الطلوع المستقيم night ascension و0.3 في الميل declination (البعد عن خط الاستواء).
الاسطرلاب ذو الموشور:
مبدأ الاسطرلاب ذي الموشور
في هذا الجهاز يُلتقط النجم عند مروره بالارتفاع الظاهري 60 برصد الانطباق بين صورتين حاصلتين تبعاً لمسارين مختلفين انطلاقاً من الحزمة الواردة, ولما كانت إِحداهما ناتجة من انعكاس واحد والأخرى من انعكاسين, فإِن الحركة اليومية تجعلهما تسيران في اتجاهين متعاكسين. ويتعين الارتفاع النموذجي بكامله بزاوية الموشور لا بالتوجيه الصحيح لوجهه الخلفي أوتوجيه المنظار,
للاسطرلاب ذي الموشور لدانجون
إِن هذا الجهاز, بشكله الحديث الذي صنعه في عام 1954الفلكي أندريه دانجون Andre Danjon (1890-1967) قد أعطى نتائج دقيقة جداً في عدة مجالات أساسية: فهارس النجوم, وحركة القطب, وعدم التساوي في دوران الأرض.
المصوَّرة الإِلكترونية:
في عام 1935سعى أندريه لالمان Andre Lallemand (المولود في عام 1904) للاستفادة من خواص الطبقات الحساسة ضوئياً من أجل زيادة إِمكانات أجهزة الرصد. ففي مصوّرته الإِلكترونية يوجَّه الضوء إِلى مهبط ضوئي يُصدر تدفقاً من الإِلكترونات بعدد متناسب تماماً مع عدد الفوتونات الواردة, ثم تجمَّع هذه الحزمة على لوحة مناسبة للحصول على صورة إِلكترونية للجسم. إِن هذا الجهاز يضاعف الحساسية بنسبة 50 إِلى 100مرة, ويمكّن من الحصول على صورة فورية تقريباً للنجوم والكواكب السيارة وهو ينطبق على كشف النجوم الشديدة الضعف ودراستها وعلى بعض المنابع الراديوية الضوئية وعلى التصوير الإِلكتروني للسيارات وعلى التسجيل الطيفي الشديد الدقة.
الخميس أكتوبر 31, 2013 11:15 pm من طرف ستيفن هوبكنك
» رمضان مبارك
الإثنين يوليو 30, 2012 3:32 pm من طرف طالبة الفيزياء
» اقتراح للادارة !!
الثلاثاء يوليو 03, 2012 4:31 pm من طرف زهرة العلوم
» سلام خاص الى استاذي الغالي
الإثنين يوليو 02, 2012 4:12 pm من طرف زهرة العلوم
» نظائر الكلور
الإثنين يوليو 02, 2012 4:08 pm من طرف زهرة العلوم
» الصداقة الحقيقية
الإثنين يوليو 02, 2012 4:06 pm من طرف زهرة العلوم
» الابتسامة وفوائدها
الإثنين يوليو 02, 2012 3:58 pm من طرف زهرة العلوم
» العمليات الكيميائية لاستخلاص غاز الكلور
الإثنين يوليو 02, 2012 3:55 pm من طرف زهرة العلوم
» هل تعلم
الإثنين يوليو 02, 2012 3:45 pm من طرف زهرة العلوم