الأستاذ الدكتور محمد باسل الطائي
قسم الفيزياء، كلية العلوم، جامعة اليرموك
إربد، الأردن
دراسة تم إعدادها لموسوعة حصاد القرن العشرين في العلوم الفيزيائية بتكليف من مؤسسة (شومان) الثقافية بالأردن
شهد القرن العشر ين تطورًا هائ ً لا في العلوم الفيزيائية بشكل متسارع، فقد شهدت بداية القرن تحولات
كبيرة على الصعيد النظري المفاهيمي إذ وضعت نظرية النسبية التي جاءت بمفاهيم جديدة وقوانين
جديدة لفهم الحركة، وغيرت من قوانين نيوتن المعهودة، وكشفت عن علائق جديدة بين الزمان والمكا ن
والكميات الفيزيائية التي صارت تأخذ معناها الصحيح في فضاء رباعي الأبعاد . كما جاءت نظرية الكم
بمفاهيم جديدة وقوانين جديدة، بل بصيغ تعاملات جديدة مع المادة والطاقة . هذه التي صارت تستكشف
ثم جاءت نظرية النسبية العامة لتقدم مفه ومًا جديدًا لقوى .Microscopic على المستوى المجهري
الجاذبية التي تحكم الكون بأسره . فصار التوزيع المادي ممث ً لا بتحدبات موضعية للزمكان . لقد نقلت
هذه النظريات المعرفة النظرية والتقنيات التي نستخدمها إلى مستويات جديدة غير مسبوقة.
وفي نهاية القرن التاسع عشر بدا كما لو أن نظرية الفيزياء قد اكتملت إذ أصبح بالإمكان
تفسير أغلب الظواهر الطبيعية بالاعتماد على ثلاثة أعمده رئيسية شكلت ما يسمى اليوم الفيزياء
وهذه هي: Classical Physics الكلاسيكية
1. قوانين نيوتن في الحركة وقانونه في الجاذبية العامة.
2. نظرية ماكسويل التي وحدت المجالين الكهربائي والمغناطيسي في إ طار نظري واحد سمي
.Electromagnetic Theory النظرية الكهرومغناطيسية
3. النظرية الحركية للغازات وقوانين الديناميكا الحرارية المسندة بقوانين الميكانيك
لبولتزمان. والتي أمكن من خلالها تفسير كثير من الظواهر Statistical Mechanics الإحصائي
.Microscopic والمجهرية Macroscopic الحرارية الجهرية
لكن نظرية الفيزياء لم تكن قد اكتملت بعد فع ً لا، إذ بقيت هنا وهناك بعض المسائل النظرية
والتجريبية التي كان الفيزيائيون يحاولون جاهدين لمعالجتها وتفسيرها ومن أهم هذه المسائل:
.The Ether Problem 1. مشكلة الأثير
.Emission and Absorption of Energy 2. مسألة انبعاث الطاقة وامتصاصها
2
Photoelectric Effect 3. ظاهرة التأثير الكهروضوئي
.Olbers's Paradox 4. معضلة اولبرز
.Atomic Spectra 5. الأطياف الذرية
شكلت هذه المسائل جزءًا مهمًا من أزمة الفيزياء النظرية في نهايات القرن التاسع عشر، وقد
عمل كثير من الفيزيائيين جاهدين في سبيل إيجاد الحلول النظرية ضمن إطار نظريات الفيزياء
الكلاسيكية، لكن أيًا من تلك الحلول المقترحة لم تكن قادرة على تقديم الصورة الكاملة.
فيما يلي من هذه الدراسة سنقدم عرضًا لهذه المسائل وسنركز اهتمامنا على الجوانب النظرية
بالخصوص وسنتبين كيف أفضت المعالجات الصحيحة إلى ظهور حلول جديدة شكلت ما نعرفه اليوم
.Modern Physics الفيزياء الحديثة
The Ether Problem : مشكلة الأثير
قدمت نظرية ماكسويل في الكهرومغناطيسية تصورًا موجيًا للإشعاعات المتولدة عن حركة
يتألف من عنصرين كهربائي field الجسيمات المشحونة . وهذا التصور يقوم على تولد مجال
ومغناطيسي متعامدين على بعضهما . وكل منها في حالة تغير مستمر وتغير أحدها يوّلد الآخر بذات
الوقت يندفع (ينتشر) هذا التغير عبر الفضاء بشكل موجي . والموجة في التصور العام هي اضطراب
في الوسط، من هنا تصور الفيزيائيون ضرورة وجود وسط ناقل ل لضوء الذي يصل إلينا من النجوم
البعيدة. فهذا الضوء بحسب نظرية ماكسويل هو أمواج كهرمغناطيسية تتحرك بسرعة هائلة قدرها
300000 كيلو متر في الثانية.
لكن ما هو هذا الوسط العجيب الذي يملأ الفضاء الكوني الهائل؟ وما هي صفاته؟ وهل يمكننا
قياس حركة الأرض نسبة إليه أو تلمُّس حركته بالنسبة للأرض.
ابتداءً ع رف الفيزيائيون أن هذا الوسط الافتراضي لا بد أن يكون خفيفًا جدًا، أي ذي كثافة
واطئة جدًا، ذلك لأن مربع سرعة الموجة يتناسب عكسيًا مع كثافة الوسط ، وسرعة الضوء عاية جدً ا .
فض ً لا عن ذلك فإن معامل مرونة الوسط لا بد أن يكون عاليًا، كيما تتحقق سرعة الموجة
واعتبره الفيزيائيون ضروريًا ،Ether الكهرومغناطيسية الهائلة فيه . سمي هذا الوسط الغريب الأثير
لانتشار الأمواج الكهرومغناطيسية بما فيها الضوء المرئي.
The Michelson Morley Experiment : تجربة مايكلسن ومورلي
وسواء كان هذا الوسط متح ركًا بذاته أو ساكنًا فلا بد أن يكون للأرض سرعة نسبية معه . لذلك
قام كل من ألبرت مايكلسن و روبرت مورلي عام 1882 بأول مرة بتجربة عملية كان الغرض منها
Wave قياس سرعة حركة الأرض بالنسبة للأثير. اعتمدت التجربة على مبدأ تداخل الأمواج
لهما نفس الطول ) Coherent حيث كان من المعر وف أن تراكب موجتين متشاكتين Interference
الموجي) يؤدي إلى إعدام إحداهما الأخرى أو تعضيد إحداهما للأخرى ... والأول يسمى التداخل
3
مما .Constructive Interference أما الثاني فيسمى التداخل البّناء Destructive Interference الإتلافي
يعني أننا لو قسمنا ح زمة ضوئية إلى حزمتين ثم جمعنا هاتين الحزمتين فإن تشكي ً لا من النقاط المضيئة
وفي تجربة .Interference Fringes والمظلمة سيظهر عند الملتقى، مؤلفًا ما يسمى أهداب التداخل
مايكلسن ومورلي كان من المفروض ظهور هذه الأهداب كحلقات مظلمة متمركزة يعتمد شكلها
الذي سيتولد عن الحركة النسبية بين الأرض والأثير . Phase Difference وقياسها على فرق الطور
وقد كانت تجربة مايكلسن مورلي تحاول الكشف عن حصول أي تغير في أهداب التداخل بتأثير حركة
الأرض في الأثير المفترض.
أُجريت التجربة ولم يعثر مايلكسن ومورلي على أي تأثير! وجهت بعض الانتق ادات إلى تجربة
مايلكسن ومورلي مما ساهم في دفعها إلى تحسين أداء التجربة، وإعادتها مرات عديدة، لكن النتيجة
جاءت هي نفسها : لا تأثير في أهداب تداخل، وكأن ليس للأرض حركة نسبية مع الأثير . قدمت
تفسيرات عديدة لهذه النتيجة السلبية للتجربة لكن أيًا منها لم يكن مقنعًًا تمامًا.
نظرية النسبية الخاصة
The Theory of Special Relativity
لم يتوصل الفيزيائيون إلى الحل الشامل الناجح لمشكلة الأثير وما تمخض عنها ولم يتمكنوا من
الحصول على التصور المتكامل حتى جاء البرت آينشتاين بنظرية النسبية الخاصة التي نشرها عام
1905 في بحث تحت عنوان "الكتروداينميك الأجسام الم تحركة" نشره في المجلة العلمية الألمانية
ففي هذا البحث التاريخي يؤسس ألبرت آينشتاين لنظرية تتعامل مع الكميات .Annalen der phyisk
الفيزيائية في إطارها المكاني والزماني معً ا. إذ أن الفيزياء الكلاسيكية تعاملت مع قوانين الفيزياء
والكميات التي تتضمنها باعتبار أن الزمان منفصل عن المكان . وعلى الرغم من أن نظرية ماكسويل
الكهرومغناطيسية احتوت ضمنًا على تداخل الزمان مع المكان إلا أن المفهوم الذي كان سائدًا عند
الفيزيائيين هو فصل الزمان عن المكان.
ركز آينشتاين انتباهه نحو الزمان والمكان ف هذين العاملين هما الأكثر أساسية في فهم ديناميكية
التغيرات والصيرورة الحركية . ولكي تكون معالجاتنا الفيزيائية النظرية للنظم المتغيرة في إطار
مرجعي ذات عمومية وشمول فلا بد من الربط بين الأطر المرجعية المختلفة بعضها مع البعض
وقد كانت الفيزياء .Transformations الآخر. هذا الربط يتم بواسطة ما يعرف بقوانين التحويلات
التي تقرر أن الزمان والمكان منفصلين Galilean Transformations الكلاسيكية أخذت بتحويلات غاليليو
لا اعتماد لأحدهما على الآخر . وتعتمد قوانين نيوتن في الحركة على هذه التحويلات للربط ما بين
أي المشاهدين المتحركين بسرع ثابتة نسبة إلى بعضهم). ) Inertial Observers المشاهدين القصوريين
أثبت أن معادلات ماكسويل في الكهرومغناطيسية لا ترضخ لتحويلات غاليليو Viogot لكن فايوكوت
4
وهذه الأخيرة ،Lorentz Transfermations بل لتحويلات أخرى سميت فيما بعد تحويلات لورنتز
تتضمن في الوا قع تواصل الزمان والمكان معًا وصيرورتهما في كينونة واحدة . لكن أحدًا في العصر
الحديث قبل ألبرت آينشتاين لم يقل بمفهوم تداخل الزمان والمكان هذا ولم يعمل على كشف عواقبه
ومضامينه.
وجد آينشتاين أن معضلة الفيزياء الكلاسيكية في فهم حركيات الأجسام وحل مشكلة الأثير يقتضي
Spacetime القول بتداخل الزمان والمكان معًا في كينونة واحدة هي ما سماه "المتصل الزمكاني
لهذا السبب أسهب آينشتاين في بحثه السابق ذكره في مناقشة مسألة التزامن ."Continuum
بين الحوادث الفيزيائية كما يشاهدها راصدون مختلفون لهم أوضاع حركية مخت لفة، Simultaneity
واستنتج أن التزامن هو قضية نسبية تعتمد على الحالة الحركية للراصد . كانت هذه هي الالتفاتة
العظيمة لألبرت آينشتاين وبها استطاع أن يسبر عالمًا جديدًا وفهمًا مبدعًا لتحولات المادة والطاقة.
وجد آينشتاين أن من الضروري القول بمبدأين أساسيين هما:
1. أن قوانين الف يزياء يجب أن تتم صياغتها بحيث تكون كل منها ذات صيغة عامة واحدة في
وقد .(Inertial Frames جميع الأطر المرجعية المتحركة بسرع ثابتة (الأطر القصورية
سمي هذا مبدأ النسبية الخاصة.
2. أن سرعة الضوء في الفراغ هي ثابت كوني لا يعتمد على الحالة الحركية للمشاهد.
ولكي ي تحقق المبدأ الأول ويتم ذلك بضوء تداخل الزمان والمكان الذي تفرضه تحويلات
لورنتز، والتي وجدها آينشتاين هي الأصلح للتعبير عن علاقات الأطر المرجعية التصورية بعضها مع
البعض الآخر، فلا بد من التعامل مع الكميات الفيزيائية المتجهة (أي التي لها مقدار واتجاه كالسرعة
والزخم والقوة ) على أنها مؤلفة من أربعة مركبات 3 مكانية هي التي كان متعارفًا عليها في معالجات
الفيزياء الكلاسيكية والرابعة هي مركبة زمانية . وبذلك أصبح الفضاء الفيزيائي فضاءً رباعيًا ثلاثة من
أبعاده مكانية والرابع زماني . هذا البعد الرابع أعطى توليفة جديدة ل لكميات الفيزيائية . على سبيل المثال
نجد أن الطاقة الكلية للجسم هي ليست إلا المركبة الرابعة للزخم.
أما المبدأ الثاني الذي اعتمده آينشتاين فقد قدم ح ً لا بديهيًا سريعا لمعضلة تجربة مايكلسن
ومورلي، إذ أن ثبات سرعة الضوء سيعني أن نتيجة التجربة بهذا المنظور متوقعة.
أما بخصوص ضرورة وجود الأثير كوسط ناقل للموجة الكهرومغناطيسية فقد استدرك الفيزيائيون
لاحقًا أن مثل هذا الوسط غير ضروري أساسًا لأن الموجة الكهرومغناطيسية هي بذاتها وسط ولا
تحتاج إلى وسط ناقل.
5
تطبيقات نظرية النسبية الخاصة:
ذكرنا أن النسبية الخاصة عالجت ا لعلائق الحركية بين الأطر المرجعية القصورية، أي تلك
التي لا تخضع لأية قوة خارجية . لذلك فإن نظرية النسبية قدمت الصيغ البديلة لقوانين نيوتن في
الحركة القصورية أي ذات السرعة الثابتة دون تغيير في القيمة أو الاتجاه ، فض ً لا عن ما قدمته النظرية
من مفاهيم جديدة عن الزمان والمكان.
وقد كان من المضامين الخطيرة التي كشفها آينشتاين بهذا الصدد أن كتلة الجسم تكافئ قدرًا
هائ ً لا من الطاقة تضبطه العلاقة:
مربع سرعة الضوء × الطاقة = الكتلة
غيرت هذه العلاقة الخطيرة التي توازن القوى الإستراتيجي في العالم واحدًة من خلال ماتم بعد
ذلك من كشف عن القوة النووية وتصنيع السىح النووي . ولعل أن هذه المعادلة نفسها هي الأكثر
شهرة من بين معادلات نظرية النسبية الخاصة جميعًا.
كذلك فقد كشف البرت آينشتاين أن تحويلات لورنتز تفضي إلى حقيقة أن الزمان والمكان معًا
هما متغيران نسبيان يعتمدان على الحالة الحركية للمشاهد . فلو أن شخصًا كان جالسًا في غرفة يراقب
حادثة تكرارية ذات معدل زمني ثابت فإن شخصًا آخر يركب قاطرة يمر قرب شباك الغرفة لن يجد
المعدل الزمني الثابت نفسه . بل سيجده أطول مما يخبره به المشاهد الساكن . تسمى هذه الظاهرة تباطؤ
وهي تنطبق على أية عملية تتضمن تغيرًا تكراريًا ضمن فترات زمنية معلومة. Time Dilation الزمن
وفيها قيل إذا كان تباطؤ .Twin Paradox ولقد أثارت هذه الظاهرة معضلة سميت معضلة التوائم
الزمان صحيحًا فإن توأمان يفترقان عن بعضهما، أحدهما يبقى على الأرض فيما يسافر الآخر على
متن مركبة فضائي ة تسير بسرعة عالية جدًا سيجدان نفسيهما قد اختلفا كثيرًا في العمر حين يلتقيان مرة
ثانية بعد انتهاء جولة التوأم الثاني . وسبب الاختلاف المتصور في العمر هو أن التوأم الثاني قد خضع
إلى حركة بسرعة عالية جعلت زمانه يتباطأ مقارنة بالتوأم الذي بقي على الأرض . لكن هذ ه المعضلة
على الحقيقة فاسدة من أصلها لأن الحركة نفسها هي نسبية . ففي الوقت الذي يرى فيه التوأم الأول
أخوه يركب الفضاء متحركًا بسرعة عالية فإن التوأم الثاني (الذي في المركبة ) يرى توأمه الذي على
الأرض متحركًا بالأرض ومن عليها بسرعة عالية أيضًا لذلك فلا صحة لل قول بوجود معضلة توائم في
نظرية النسبية الخاصة . أما إذا ما تحدثنا عن تأثيرات تغيرات السرعة بالتباطؤ أو التسارع بحسب ما
تقرره نظرية النسبية العامة فهذا شيء آخر.
التي كان Length Contraction كما أكدت نظرية النسبية الخاصة علاقة انكماش الأطوال
فيتزجرالد قد أثبته ا من قبل اعتمادًا على تحويلات لورنتز، وبموجب هذه العلاقة يرى الراصد
المتحرك بسرعة عالية الأشياء الساكنة وقد انكمش طولها الذي في هو اتجاه حركته . وهكذا فإن أشكال
6
الأجسام تتغير بحسب الحالة الحركية للراصد، فما نراه أمامنا مربعًا قد يراه راصد آخر (متحرك نسبة
إلينا) مستطي ً لا.
كما كان من نتائج نظرية النسبية الخاصة أن السرعة النسبية بين أي إطارين مرجعين تخضع
لعلاقة جديدة تختلف قلي ً لا عن العلاقة التي كانت مقررة سابقًا لحساب السرعة النسبية . فلو افترضنا أن
عربة تسير على طريق بسرعة 60 كيلومتر في الساعة واجهت عربة أخرى تسير بعكس الاتجاه
بسرعة 90 كيلومترًا في الساعة فإن السرعة النسبية بينهما ستكون 150 كيلومترًا في الساعة . أي أن
راكبي العربتين سيرى كل منهما الآخر بسرعة 150 كيلو متر في الساعة نسبة إليه ... وبحسب هذا
لو أن سرعة إحدى العربتين كانت 0.8 من Velecity Addition القانون المسمى قانون جمع السرعات
سرعة الضوء وسرعة الأخرى 0.5 من سرعة الضوء فإن السرعة النسبية بينهما ستكون 1.3 سرعة
الضوء بحسب ما كان معمو ً لا به من قوانين ما قبل نظرية النسبية الخاصة . لكننا الآن وباستعمال
القانون الجديد لجمع السرعات نحصل على السرعة النسبية بين الإطارين المرجعيين المتحركين
فنجدها 0.928 من سرعة الضوء.
كما كان من نتائج نظرية النسبية الخاصة أن كتلة الجسم تعتمد على السرعة النسبية فتزداد
كلما زادت سرعة الجسم . وسبب ذلك على الحقيقة أن النسبية الخاصة وحّدت بين الطاقة والكتلة .
فالطاقة الحركية التي يمتلك ها الجسم تظهر على شكل زيادة في الكتلة، هذه الزيادة في الكتلة تؤدي إلى
زيادة القوة اللازمة لتسريع الجسم إلى القدر المطلوب . مما يتطلب أن تكون القوة الدافعة للجسم لانهائية
كي ما يصل إلى سرعة الضوء . لذلك يقال أن جميع الأجسام ذوات الكتل لا يمكن أن تبلغ سرعة
الضوء تمامًا أبدًا.
لا بد أن نؤكد في هذا العرض الموجز لمحتوى نظرية النسبية الخاصة أن هذه النظرية قدمت
تصورًا جديدًا لمفهوم الزمان والمكان والطاقة والمادة، وبذات الوقت فإن حساباتها أكثر دقة من
الحسابات التي توفرها لنا قوانين نيوتن في الحركة . إلا أن أهمية هذه ا لنظرية من الناحية الحسابية
تظهر في حالات السرعة العالية جدًا، ففي عالم الحياة اليومية الذي نتعامل به مث ً لا مع سرعة سيارة،
أو طائرة أو حتى الصواريخ، تكون المسرع بطيئة مقارنة بسرعة الضوء مما يجعل نتائج حسابات
النسبية الخاصة قريبة جدًا من حسابات ميكانيك نيوتن . لكن في عالم الجسيمات الذرية المتحركة
بسرعات عالية جدًا تصبح قوانين نظرية النسبية الخاصة ضرورية جدًا.
لنظرية النسبية الخاصة تطبيقات مهمة في عالم الجسيمات الذرية و تحت الذرية ولولاها لم يكن علم
الجسيمات الأولية ليتطور إلى القدر الذي هو عليه اليوم.
7
نظرية النسبية العامة
The Theory of General Relativity
عالجت نظرية النسبية الخاصة المنظومات المتحركة بسرع ثابتة، وبغياب وجود أية قوة خارجية تؤثر
في الحركة . وقد كان من الضروري التفكير بتأثير الجاذبية في الحركة . فالجاذبية تغمر الكون كله
وتمسك بجميع أطرافه.
وجد أن نظرية النسبية الخاصة لا تتوافق مع قانون نيوتن في الجاذبية العامة للأسباب التالية:
1. إن النسبية الخاصة تتعامل مع الأطر المرجعية ذوات السُرع الثابتة، على حين تكون الأطر
المتحركة حركة حرة في مجال جاذبي متسارعة.
2. إن قانون نيوتن في الجذب العام يخضع لتحويلات غاليليو ولا يخضع لتحويلات لورنتز التي
يفترض بها أن تكون الأكثر عمومية.
وذلك ،" Action at a distance 3. إن نظرية نيوتن في الجاذبية تقوم على مبدأ "الفعل عن بعد
يفترض أن الفعل الجاذبي ينتقل بسرعة لا نهائية فيما تحدد نظرية النسبية الخاصة سرعة
انتقال التأثيرات أي ًا كانت بسرعة الضوء . لذلك يبدو من الضروري تعميم نظرية النسبية
الخاصة في إطار أعم ليشمل الحركة في المجال الجاذبي أيضا.
لفت نظر البرت آينشتاين أن الحركة المتسارعة لأي إطار مرجعي تؤدي حا ً لا إلى ظهور قوة
تؤثر في الكتل داخل ذلك الإطار المرجعي، يكون اتجاهها معاك سًا لاتجاه التسارع . وهذه الملاحظة
نخبرها يوميًا فعندما نركب السيارة وتنطلق بنا على الطريق متسارعة نشعر بقوة تدفعنا إلى الخلف
ويتزايد اندفاعنا إلى الخلف كلما كان تسارع السيارة أكبر.
كما لاحظ البرت آينشتاين أن الأجسام التي في الأطر المرجعية الساقطة سقوطًا حر ًا نحو
الأرض تفقد وزنها تمامًا وتتصرف الأشياء في داخل الأطر المرجعية الساقطة سقوطًا حرًا كما لو
كانت في فضاء خالٍ من الجاذبية . فلو ركبنا مصعدًا وتركناه يسقط سقوطًا حرًا لوجدنا أنفسنا، ولوجدنا
الأشياء من حولنا تتصرف وكأنها في فضاء خال من الجاذبية. أي أنها تغدو عديمة الوزن.
Principle of Equivalence مبدأ التكافؤ
مع Locally هذه الملاحظة دعت البرت آينشتاين إلى القول بتكافؤ المجال الجذبي، موضعيًا
الذي يقرر أن .Principle of Equivalence التسارع. وأفضى ذلك إلى وضعه ما سمى مبدأ التكافؤ
المجال الجاذبي يتكافأ موضعيًا مع التسارع.
دفعت هذه الفكرة آينشتاين إلى التفكير جديًا بإعادة صياغة قانوانين الحركة في المجال الجاذبي
فطالما أن التسارع هو كمية تعتمد على تغير المكان مرتين بالنسبة ،Geometrical على أساس هندسي
إلى الزمان وطالما أن المجال الجاذبي يكافئ التسارع (موضعيًا على الأقل ) فإن من الممكن صياغة
8
قوانين الجاذبية بدلالة الزمان والمكان . ولكن إذا كانت الحركة في الأطر القصورية تتطلب أن تكون
قوانين الفيزياء لا تغيرية تحت تأثير تحويلات لورنتز فهل إن قوانين الحركة في الأطر اللاقصورية
(الخاضعة لتأثير قوى خارجية ) تخضع لنفس هذه ال تحويلات؟ أدرك آينشتاين بالطبع أن الإجابة هي
بالنفي قطعًا، لأن تحويلات لورنتز قائمة أساسًا على افتراض الحركة بسرعة ثابتة للأطر المرجعية،
على حين أن الحركة الحرة في المجال الجاذبي متسارعة. وهذا ما دعى آينشتاين إلى القول بمبدأ آخر.
The Principle of Covariance : مبدأ النسبية العام
لغرض تأمين انحفاظ قوانين الفيزياء في كل مكان وزمان اقترح آينشتاين أن تكون هذه
القوانين لا تغيرية تحت التحويلات العامة للاحداثيات . ولذلك اقترح : أن تكون جميع قوانين الطبيعة
The Principle of " لاتغيرية تحت التحويلات العامة للاحداثيات. وقد سمي هذا "مبدأ الن سبية العام
.Covariance
متأثرًا بالنظرية الكهرومغناطيسية لماكسويل، حاول آينشتاين وضع تصور مجالي – زمكاني
للجاذبية. ونظرًا لأن قوة الجاذبية تتصرف دائمًا باتجاه واحد أي بإتجاه الشد والجمع وليس كالقوة
الكهربائية أو المغناطيسية التي تتصرف بالا تجاهين السحب والدفع، فإن للمجال الجاذبي صفاتًا تختلف
عن المجالين الكهربائي والمغناطيسي . أدرك آينشتاين هذه الحقيقة، ولربما لهذا السبب نجد أن القوة
الكهرومغناطيسية هي قوة لا تغيرية تحت تأثير لورنتز فيما نجد أن لا تغيرية القوة الجاذبية تحتاج إلى
قوانين تحويلات أكثر عمومية.
1915 يتأمل في إيجاد الصياغة - بقي آينشتاين مدة تزيد على عشرة أعوام ما بين 1905
المناسبة والإطار الرياضي الذي يمكن أن يعمل فيه لغرض صياغة القوة الجاذبية برموز الزمكان.
ويبدو أنه اهتدى بمعونة من آخرين إلى أن الهندسة اللاقليدية توفر إمكانية مناس بة لمعالجة
Riemannian التغيرات اللاخطية المماثلة لتغيرات الجاذبية. وقد وجه آينشتاين في هندسة ريمان
ضالته فعمد إلى دراستها . واعتمادًا عليها تمكن من التوصل إلى الصياغة الزمكانية للمجال Geometry
الجاذبي بمفردات هندسة الزمكان.
وبد ً لا عن المتجهات الرباعية التي كانت ضرورية للتعبير عن الكميات الفيزيائية في نظرية
النسبية الخاصة برزت الحاجة إلى صياغة الكميات الفيزيائية بدلالة مفردات جديدة تسمى الممتدات
والممتدات بصورة عامة هي مضروبات المتجهات . وإذا كان للمتجهات الرباعية أربعة .Tensors
أرجل (مركِّبات) نقدر على تعريفه ا بموجبها فإن الممتدات تحتاج إلى أرجل كثيرة كي ُتعَرَّف بصورة
مضبوطة.
قسم الفيزياء، كلية العلوم، جامعة اليرموك
إربد، الأردن
دراسة تم إعدادها لموسوعة حصاد القرن العشرين في العلوم الفيزيائية بتكليف من مؤسسة (شومان) الثقافية بالأردن
شهد القرن العشر ين تطورًا هائ ً لا في العلوم الفيزيائية بشكل متسارع، فقد شهدت بداية القرن تحولات
كبيرة على الصعيد النظري المفاهيمي إذ وضعت نظرية النسبية التي جاءت بمفاهيم جديدة وقوانين
جديدة لفهم الحركة، وغيرت من قوانين نيوتن المعهودة، وكشفت عن علائق جديدة بين الزمان والمكا ن
والكميات الفيزيائية التي صارت تأخذ معناها الصحيح في فضاء رباعي الأبعاد . كما جاءت نظرية الكم
بمفاهيم جديدة وقوانين جديدة، بل بصيغ تعاملات جديدة مع المادة والطاقة . هذه التي صارت تستكشف
ثم جاءت نظرية النسبية العامة لتقدم مفه ومًا جديدًا لقوى .Microscopic على المستوى المجهري
الجاذبية التي تحكم الكون بأسره . فصار التوزيع المادي ممث ً لا بتحدبات موضعية للزمكان . لقد نقلت
هذه النظريات المعرفة النظرية والتقنيات التي نستخدمها إلى مستويات جديدة غير مسبوقة.
وفي نهاية القرن التاسع عشر بدا كما لو أن نظرية الفيزياء قد اكتملت إذ أصبح بالإمكان
تفسير أغلب الظواهر الطبيعية بالاعتماد على ثلاثة أعمده رئيسية شكلت ما يسمى اليوم الفيزياء
وهذه هي: Classical Physics الكلاسيكية
1. قوانين نيوتن في الحركة وقانونه في الجاذبية العامة.
2. نظرية ماكسويل التي وحدت المجالين الكهربائي والمغناطيسي في إ طار نظري واحد سمي
.Electromagnetic Theory النظرية الكهرومغناطيسية
3. النظرية الحركية للغازات وقوانين الديناميكا الحرارية المسندة بقوانين الميكانيك
لبولتزمان. والتي أمكن من خلالها تفسير كثير من الظواهر Statistical Mechanics الإحصائي
.Microscopic والمجهرية Macroscopic الحرارية الجهرية
لكن نظرية الفيزياء لم تكن قد اكتملت بعد فع ً لا، إذ بقيت هنا وهناك بعض المسائل النظرية
والتجريبية التي كان الفيزيائيون يحاولون جاهدين لمعالجتها وتفسيرها ومن أهم هذه المسائل:
.The Ether Problem 1. مشكلة الأثير
.Emission and Absorption of Energy 2. مسألة انبعاث الطاقة وامتصاصها
2
Photoelectric Effect 3. ظاهرة التأثير الكهروضوئي
.Olbers's Paradox 4. معضلة اولبرز
.Atomic Spectra 5. الأطياف الذرية
شكلت هذه المسائل جزءًا مهمًا من أزمة الفيزياء النظرية في نهايات القرن التاسع عشر، وقد
عمل كثير من الفيزيائيين جاهدين في سبيل إيجاد الحلول النظرية ضمن إطار نظريات الفيزياء
الكلاسيكية، لكن أيًا من تلك الحلول المقترحة لم تكن قادرة على تقديم الصورة الكاملة.
فيما يلي من هذه الدراسة سنقدم عرضًا لهذه المسائل وسنركز اهتمامنا على الجوانب النظرية
بالخصوص وسنتبين كيف أفضت المعالجات الصحيحة إلى ظهور حلول جديدة شكلت ما نعرفه اليوم
.Modern Physics الفيزياء الحديثة
The Ether Problem : مشكلة الأثير
قدمت نظرية ماكسويل في الكهرومغناطيسية تصورًا موجيًا للإشعاعات المتولدة عن حركة
يتألف من عنصرين كهربائي field الجسيمات المشحونة . وهذا التصور يقوم على تولد مجال
ومغناطيسي متعامدين على بعضهما . وكل منها في حالة تغير مستمر وتغير أحدها يوّلد الآخر بذات
الوقت يندفع (ينتشر) هذا التغير عبر الفضاء بشكل موجي . والموجة في التصور العام هي اضطراب
في الوسط، من هنا تصور الفيزيائيون ضرورة وجود وسط ناقل ل لضوء الذي يصل إلينا من النجوم
البعيدة. فهذا الضوء بحسب نظرية ماكسويل هو أمواج كهرمغناطيسية تتحرك بسرعة هائلة قدرها
300000 كيلو متر في الثانية.
لكن ما هو هذا الوسط العجيب الذي يملأ الفضاء الكوني الهائل؟ وما هي صفاته؟ وهل يمكننا
قياس حركة الأرض نسبة إليه أو تلمُّس حركته بالنسبة للأرض.
ابتداءً ع رف الفيزيائيون أن هذا الوسط الافتراضي لا بد أن يكون خفيفًا جدًا، أي ذي كثافة
واطئة جدًا، ذلك لأن مربع سرعة الموجة يتناسب عكسيًا مع كثافة الوسط ، وسرعة الضوء عاية جدً ا .
فض ً لا عن ذلك فإن معامل مرونة الوسط لا بد أن يكون عاليًا، كيما تتحقق سرعة الموجة
واعتبره الفيزيائيون ضروريًا ،Ether الكهرومغناطيسية الهائلة فيه . سمي هذا الوسط الغريب الأثير
لانتشار الأمواج الكهرومغناطيسية بما فيها الضوء المرئي.
The Michelson Morley Experiment : تجربة مايكلسن ومورلي
وسواء كان هذا الوسط متح ركًا بذاته أو ساكنًا فلا بد أن يكون للأرض سرعة نسبية معه . لذلك
قام كل من ألبرت مايكلسن و روبرت مورلي عام 1882 بأول مرة بتجربة عملية كان الغرض منها
Wave قياس سرعة حركة الأرض بالنسبة للأثير. اعتمدت التجربة على مبدأ تداخل الأمواج
لهما نفس الطول ) Coherent حيث كان من المعر وف أن تراكب موجتين متشاكتين Interference
الموجي) يؤدي إلى إعدام إحداهما الأخرى أو تعضيد إحداهما للأخرى ... والأول يسمى التداخل
3
مما .Constructive Interference أما الثاني فيسمى التداخل البّناء Destructive Interference الإتلافي
يعني أننا لو قسمنا ح زمة ضوئية إلى حزمتين ثم جمعنا هاتين الحزمتين فإن تشكي ً لا من النقاط المضيئة
وفي تجربة .Interference Fringes والمظلمة سيظهر عند الملتقى، مؤلفًا ما يسمى أهداب التداخل
مايكلسن ومورلي كان من المفروض ظهور هذه الأهداب كحلقات مظلمة متمركزة يعتمد شكلها
الذي سيتولد عن الحركة النسبية بين الأرض والأثير . Phase Difference وقياسها على فرق الطور
وقد كانت تجربة مايكلسن مورلي تحاول الكشف عن حصول أي تغير في أهداب التداخل بتأثير حركة
الأرض في الأثير المفترض.
أُجريت التجربة ولم يعثر مايلكسن ومورلي على أي تأثير! وجهت بعض الانتق ادات إلى تجربة
مايلكسن ومورلي مما ساهم في دفعها إلى تحسين أداء التجربة، وإعادتها مرات عديدة، لكن النتيجة
جاءت هي نفسها : لا تأثير في أهداب تداخل، وكأن ليس للأرض حركة نسبية مع الأثير . قدمت
تفسيرات عديدة لهذه النتيجة السلبية للتجربة لكن أيًا منها لم يكن مقنعًًا تمامًا.
نظرية النسبية الخاصة
The Theory of Special Relativity
لم يتوصل الفيزيائيون إلى الحل الشامل الناجح لمشكلة الأثير وما تمخض عنها ولم يتمكنوا من
الحصول على التصور المتكامل حتى جاء البرت آينشتاين بنظرية النسبية الخاصة التي نشرها عام
1905 في بحث تحت عنوان "الكتروداينميك الأجسام الم تحركة" نشره في المجلة العلمية الألمانية
ففي هذا البحث التاريخي يؤسس ألبرت آينشتاين لنظرية تتعامل مع الكميات .Annalen der phyisk
الفيزيائية في إطارها المكاني والزماني معً ا. إذ أن الفيزياء الكلاسيكية تعاملت مع قوانين الفيزياء
والكميات التي تتضمنها باعتبار أن الزمان منفصل عن المكان . وعلى الرغم من أن نظرية ماكسويل
الكهرومغناطيسية احتوت ضمنًا على تداخل الزمان مع المكان إلا أن المفهوم الذي كان سائدًا عند
الفيزيائيين هو فصل الزمان عن المكان.
ركز آينشتاين انتباهه نحو الزمان والمكان ف هذين العاملين هما الأكثر أساسية في فهم ديناميكية
التغيرات والصيرورة الحركية . ولكي تكون معالجاتنا الفيزيائية النظرية للنظم المتغيرة في إطار
مرجعي ذات عمومية وشمول فلا بد من الربط بين الأطر المرجعية المختلفة بعضها مع البعض
وقد كانت الفيزياء .Transformations الآخر. هذا الربط يتم بواسطة ما يعرف بقوانين التحويلات
التي تقرر أن الزمان والمكان منفصلين Galilean Transformations الكلاسيكية أخذت بتحويلات غاليليو
لا اعتماد لأحدهما على الآخر . وتعتمد قوانين نيوتن في الحركة على هذه التحويلات للربط ما بين
أي المشاهدين المتحركين بسرع ثابتة نسبة إلى بعضهم). ) Inertial Observers المشاهدين القصوريين
أثبت أن معادلات ماكسويل في الكهرومغناطيسية لا ترضخ لتحويلات غاليليو Viogot لكن فايوكوت
4
وهذه الأخيرة ،Lorentz Transfermations بل لتحويلات أخرى سميت فيما بعد تحويلات لورنتز
تتضمن في الوا قع تواصل الزمان والمكان معًا وصيرورتهما في كينونة واحدة . لكن أحدًا في العصر
الحديث قبل ألبرت آينشتاين لم يقل بمفهوم تداخل الزمان والمكان هذا ولم يعمل على كشف عواقبه
ومضامينه.
وجد آينشتاين أن معضلة الفيزياء الكلاسيكية في فهم حركيات الأجسام وحل مشكلة الأثير يقتضي
Spacetime القول بتداخل الزمان والمكان معًا في كينونة واحدة هي ما سماه "المتصل الزمكاني
لهذا السبب أسهب آينشتاين في بحثه السابق ذكره في مناقشة مسألة التزامن ."Continuum
بين الحوادث الفيزيائية كما يشاهدها راصدون مختلفون لهم أوضاع حركية مخت لفة، Simultaneity
واستنتج أن التزامن هو قضية نسبية تعتمد على الحالة الحركية للراصد . كانت هذه هي الالتفاتة
العظيمة لألبرت آينشتاين وبها استطاع أن يسبر عالمًا جديدًا وفهمًا مبدعًا لتحولات المادة والطاقة.
وجد آينشتاين أن من الضروري القول بمبدأين أساسيين هما:
1. أن قوانين الف يزياء يجب أن تتم صياغتها بحيث تكون كل منها ذات صيغة عامة واحدة في
وقد .(Inertial Frames جميع الأطر المرجعية المتحركة بسرع ثابتة (الأطر القصورية
سمي هذا مبدأ النسبية الخاصة.
2. أن سرعة الضوء في الفراغ هي ثابت كوني لا يعتمد على الحالة الحركية للمشاهد.
ولكي ي تحقق المبدأ الأول ويتم ذلك بضوء تداخل الزمان والمكان الذي تفرضه تحويلات
لورنتز، والتي وجدها آينشتاين هي الأصلح للتعبير عن علاقات الأطر المرجعية التصورية بعضها مع
البعض الآخر، فلا بد من التعامل مع الكميات الفيزيائية المتجهة (أي التي لها مقدار واتجاه كالسرعة
والزخم والقوة ) على أنها مؤلفة من أربعة مركبات 3 مكانية هي التي كان متعارفًا عليها في معالجات
الفيزياء الكلاسيكية والرابعة هي مركبة زمانية . وبذلك أصبح الفضاء الفيزيائي فضاءً رباعيًا ثلاثة من
أبعاده مكانية والرابع زماني . هذا البعد الرابع أعطى توليفة جديدة ل لكميات الفيزيائية . على سبيل المثال
نجد أن الطاقة الكلية للجسم هي ليست إلا المركبة الرابعة للزخم.
أما المبدأ الثاني الذي اعتمده آينشتاين فقد قدم ح ً لا بديهيًا سريعا لمعضلة تجربة مايكلسن
ومورلي، إذ أن ثبات سرعة الضوء سيعني أن نتيجة التجربة بهذا المنظور متوقعة.
أما بخصوص ضرورة وجود الأثير كوسط ناقل للموجة الكهرومغناطيسية فقد استدرك الفيزيائيون
لاحقًا أن مثل هذا الوسط غير ضروري أساسًا لأن الموجة الكهرومغناطيسية هي بذاتها وسط ولا
تحتاج إلى وسط ناقل.
5
تطبيقات نظرية النسبية الخاصة:
ذكرنا أن النسبية الخاصة عالجت ا لعلائق الحركية بين الأطر المرجعية القصورية، أي تلك
التي لا تخضع لأية قوة خارجية . لذلك فإن نظرية النسبية قدمت الصيغ البديلة لقوانين نيوتن في
الحركة القصورية أي ذات السرعة الثابتة دون تغيير في القيمة أو الاتجاه ، فض ً لا عن ما قدمته النظرية
من مفاهيم جديدة عن الزمان والمكان.
وقد كان من المضامين الخطيرة التي كشفها آينشتاين بهذا الصدد أن كتلة الجسم تكافئ قدرًا
هائ ً لا من الطاقة تضبطه العلاقة:
مربع سرعة الضوء × الطاقة = الكتلة
غيرت هذه العلاقة الخطيرة التي توازن القوى الإستراتيجي في العالم واحدًة من خلال ماتم بعد
ذلك من كشف عن القوة النووية وتصنيع السىح النووي . ولعل أن هذه المعادلة نفسها هي الأكثر
شهرة من بين معادلات نظرية النسبية الخاصة جميعًا.
كذلك فقد كشف البرت آينشتاين أن تحويلات لورنتز تفضي إلى حقيقة أن الزمان والمكان معًا
هما متغيران نسبيان يعتمدان على الحالة الحركية للمشاهد . فلو أن شخصًا كان جالسًا في غرفة يراقب
حادثة تكرارية ذات معدل زمني ثابت فإن شخصًا آخر يركب قاطرة يمر قرب شباك الغرفة لن يجد
المعدل الزمني الثابت نفسه . بل سيجده أطول مما يخبره به المشاهد الساكن . تسمى هذه الظاهرة تباطؤ
وهي تنطبق على أية عملية تتضمن تغيرًا تكراريًا ضمن فترات زمنية معلومة. Time Dilation الزمن
وفيها قيل إذا كان تباطؤ .Twin Paradox ولقد أثارت هذه الظاهرة معضلة سميت معضلة التوائم
الزمان صحيحًا فإن توأمان يفترقان عن بعضهما، أحدهما يبقى على الأرض فيما يسافر الآخر على
متن مركبة فضائي ة تسير بسرعة عالية جدًا سيجدان نفسيهما قد اختلفا كثيرًا في العمر حين يلتقيان مرة
ثانية بعد انتهاء جولة التوأم الثاني . وسبب الاختلاف المتصور في العمر هو أن التوأم الثاني قد خضع
إلى حركة بسرعة عالية جعلت زمانه يتباطأ مقارنة بالتوأم الذي بقي على الأرض . لكن هذ ه المعضلة
على الحقيقة فاسدة من أصلها لأن الحركة نفسها هي نسبية . ففي الوقت الذي يرى فيه التوأم الأول
أخوه يركب الفضاء متحركًا بسرعة عالية فإن التوأم الثاني (الذي في المركبة ) يرى توأمه الذي على
الأرض متحركًا بالأرض ومن عليها بسرعة عالية أيضًا لذلك فلا صحة لل قول بوجود معضلة توائم في
نظرية النسبية الخاصة . أما إذا ما تحدثنا عن تأثيرات تغيرات السرعة بالتباطؤ أو التسارع بحسب ما
تقرره نظرية النسبية العامة فهذا شيء آخر.
التي كان Length Contraction كما أكدت نظرية النسبية الخاصة علاقة انكماش الأطوال
فيتزجرالد قد أثبته ا من قبل اعتمادًا على تحويلات لورنتز، وبموجب هذه العلاقة يرى الراصد
المتحرك بسرعة عالية الأشياء الساكنة وقد انكمش طولها الذي في هو اتجاه حركته . وهكذا فإن أشكال
6
الأجسام تتغير بحسب الحالة الحركية للراصد، فما نراه أمامنا مربعًا قد يراه راصد آخر (متحرك نسبة
إلينا) مستطي ً لا.
كما كان من نتائج نظرية النسبية الخاصة أن السرعة النسبية بين أي إطارين مرجعين تخضع
لعلاقة جديدة تختلف قلي ً لا عن العلاقة التي كانت مقررة سابقًا لحساب السرعة النسبية . فلو افترضنا أن
عربة تسير على طريق بسرعة 60 كيلومتر في الساعة واجهت عربة أخرى تسير بعكس الاتجاه
بسرعة 90 كيلومترًا في الساعة فإن السرعة النسبية بينهما ستكون 150 كيلومترًا في الساعة . أي أن
راكبي العربتين سيرى كل منهما الآخر بسرعة 150 كيلو متر في الساعة نسبة إليه ... وبحسب هذا
لو أن سرعة إحدى العربتين كانت 0.8 من Velecity Addition القانون المسمى قانون جمع السرعات
سرعة الضوء وسرعة الأخرى 0.5 من سرعة الضوء فإن السرعة النسبية بينهما ستكون 1.3 سرعة
الضوء بحسب ما كان معمو ً لا به من قوانين ما قبل نظرية النسبية الخاصة . لكننا الآن وباستعمال
القانون الجديد لجمع السرعات نحصل على السرعة النسبية بين الإطارين المرجعيين المتحركين
فنجدها 0.928 من سرعة الضوء.
كما كان من نتائج نظرية النسبية الخاصة أن كتلة الجسم تعتمد على السرعة النسبية فتزداد
كلما زادت سرعة الجسم . وسبب ذلك على الحقيقة أن النسبية الخاصة وحّدت بين الطاقة والكتلة .
فالطاقة الحركية التي يمتلك ها الجسم تظهر على شكل زيادة في الكتلة، هذه الزيادة في الكتلة تؤدي إلى
زيادة القوة اللازمة لتسريع الجسم إلى القدر المطلوب . مما يتطلب أن تكون القوة الدافعة للجسم لانهائية
كي ما يصل إلى سرعة الضوء . لذلك يقال أن جميع الأجسام ذوات الكتل لا يمكن أن تبلغ سرعة
الضوء تمامًا أبدًا.
لا بد أن نؤكد في هذا العرض الموجز لمحتوى نظرية النسبية الخاصة أن هذه النظرية قدمت
تصورًا جديدًا لمفهوم الزمان والمكان والطاقة والمادة، وبذات الوقت فإن حساباتها أكثر دقة من
الحسابات التي توفرها لنا قوانين نيوتن في الحركة . إلا أن أهمية هذه ا لنظرية من الناحية الحسابية
تظهر في حالات السرعة العالية جدًا، ففي عالم الحياة اليومية الذي نتعامل به مث ً لا مع سرعة سيارة،
أو طائرة أو حتى الصواريخ، تكون المسرع بطيئة مقارنة بسرعة الضوء مما يجعل نتائج حسابات
النسبية الخاصة قريبة جدًا من حسابات ميكانيك نيوتن . لكن في عالم الجسيمات الذرية المتحركة
بسرعات عالية جدًا تصبح قوانين نظرية النسبية الخاصة ضرورية جدًا.
لنظرية النسبية الخاصة تطبيقات مهمة في عالم الجسيمات الذرية و تحت الذرية ولولاها لم يكن علم
الجسيمات الأولية ليتطور إلى القدر الذي هو عليه اليوم.
7
نظرية النسبية العامة
The Theory of General Relativity
عالجت نظرية النسبية الخاصة المنظومات المتحركة بسرع ثابتة، وبغياب وجود أية قوة خارجية تؤثر
في الحركة . وقد كان من الضروري التفكير بتأثير الجاذبية في الحركة . فالجاذبية تغمر الكون كله
وتمسك بجميع أطرافه.
وجد أن نظرية النسبية الخاصة لا تتوافق مع قانون نيوتن في الجاذبية العامة للأسباب التالية:
1. إن النسبية الخاصة تتعامل مع الأطر المرجعية ذوات السُرع الثابتة، على حين تكون الأطر
المتحركة حركة حرة في مجال جاذبي متسارعة.
2. إن قانون نيوتن في الجذب العام يخضع لتحويلات غاليليو ولا يخضع لتحويلات لورنتز التي
يفترض بها أن تكون الأكثر عمومية.
وذلك ،" Action at a distance 3. إن نظرية نيوتن في الجاذبية تقوم على مبدأ "الفعل عن بعد
يفترض أن الفعل الجاذبي ينتقل بسرعة لا نهائية فيما تحدد نظرية النسبية الخاصة سرعة
انتقال التأثيرات أي ًا كانت بسرعة الضوء . لذلك يبدو من الضروري تعميم نظرية النسبية
الخاصة في إطار أعم ليشمل الحركة في المجال الجاذبي أيضا.
لفت نظر البرت آينشتاين أن الحركة المتسارعة لأي إطار مرجعي تؤدي حا ً لا إلى ظهور قوة
تؤثر في الكتل داخل ذلك الإطار المرجعي، يكون اتجاهها معاك سًا لاتجاه التسارع . وهذه الملاحظة
نخبرها يوميًا فعندما نركب السيارة وتنطلق بنا على الطريق متسارعة نشعر بقوة تدفعنا إلى الخلف
ويتزايد اندفاعنا إلى الخلف كلما كان تسارع السيارة أكبر.
كما لاحظ البرت آينشتاين أن الأجسام التي في الأطر المرجعية الساقطة سقوطًا حر ًا نحو
الأرض تفقد وزنها تمامًا وتتصرف الأشياء في داخل الأطر المرجعية الساقطة سقوطًا حرًا كما لو
كانت في فضاء خالٍ من الجاذبية . فلو ركبنا مصعدًا وتركناه يسقط سقوطًا حرًا لوجدنا أنفسنا، ولوجدنا
الأشياء من حولنا تتصرف وكأنها في فضاء خال من الجاذبية. أي أنها تغدو عديمة الوزن.
Principle of Equivalence مبدأ التكافؤ
مع Locally هذه الملاحظة دعت البرت آينشتاين إلى القول بتكافؤ المجال الجذبي، موضعيًا
الذي يقرر أن .Principle of Equivalence التسارع. وأفضى ذلك إلى وضعه ما سمى مبدأ التكافؤ
المجال الجاذبي يتكافأ موضعيًا مع التسارع.
دفعت هذه الفكرة آينشتاين إلى التفكير جديًا بإعادة صياغة قانوانين الحركة في المجال الجاذبي
فطالما أن التسارع هو كمية تعتمد على تغير المكان مرتين بالنسبة ،Geometrical على أساس هندسي
إلى الزمان وطالما أن المجال الجاذبي يكافئ التسارع (موضعيًا على الأقل ) فإن من الممكن صياغة
8
قوانين الجاذبية بدلالة الزمان والمكان . ولكن إذا كانت الحركة في الأطر القصورية تتطلب أن تكون
قوانين الفيزياء لا تغيرية تحت تأثير تحويلات لورنتز فهل إن قوانين الحركة في الأطر اللاقصورية
(الخاضعة لتأثير قوى خارجية ) تخضع لنفس هذه ال تحويلات؟ أدرك آينشتاين بالطبع أن الإجابة هي
بالنفي قطعًا، لأن تحويلات لورنتز قائمة أساسًا على افتراض الحركة بسرعة ثابتة للأطر المرجعية،
على حين أن الحركة الحرة في المجال الجاذبي متسارعة. وهذا ما دعى آينشتاين إلى القول بمبدأ آخر.
The Principle of Covariance : مبدأ النسبية العام
لغرض تأمين انحفاظ قوانين الفيزياء في كل مكان وزمان اقترح آينشتاين أن تكون هذه
القوانين لا تغيرية تحت التحويلات العامة للاحداثيات . ولذلك اقترح : أن تكون جميع قوانين الطبيعة
The Principle of " لاتغيرية تحت التحويلات العامة للاحداثيات. وقد سمي هذا "مبدأ الن سبية العام
.Covariance
متأثرًا بالنظرية الكهرومغناطيسية لماكسويل، حاول آينشتاين وضع تصور مجالي – زمكاني
للجاذبية. ونظرًا لأن قوة الجاذبية تتصرف دائمًا باتجاه واحد أي بإتجاه الشد والجمع وليس كالقوة
الكهربائية أو المغناطيسية التي تتصرف بالا تجاهين السحب والدفع، فإن للمجال الجاذبي صفاتًا تختلف
عن المجالين الكهربائي والمغناطيسي . أدرك آينشتاين هذه الحقيقة، ولربما لهذا السبب نجد أن القوة
الكهرومغناطيسية هي قوة لا تغيرية تحت تأثير لورنتز فيما نجد أن لا تغيرية القوة الجاذبية تحتاج إلى
قوانين تحويلات أكثر عمومية.
1915 يتأمل في إيجاد الصياغة - بقي آينشتاين مدة تزيد على عشرة أعوام ما بين 1905
المناسبة والإطار الرياضي الذي يمكن أن يعمل فيه لغرض صياغة القوة الجاذبية برموز الزمكان.
ويبدو أنه اهتدى بمعونة من آخرين إلى أن الهندسة اللاقليدية توفر إمكانية مناس بة لمعالجة
Riemannian التغيرات اللاخطية المماثلة لتغيرات الجاذبية. وقد وجه آينشتاين في هندسة ريمان
ضالته فعمد إلى دراستها . واعتمادًا عليها تمكن من التوصل إلى الصياغة الزمكانية للمجال Geometry
الجاذبي بمفردات هندسة الزمكان.
وبد ً لا عن المتجهات الرباعية التي كانت ضرورية للتعبير عن الكميات الفيزيائية في نظرية
النسبية الخاصة برزت الحاجة إلى صياغة الكميات الفيزيائية بدلالة مفردات جديدة تسمى الممتدات
والممتدات بصورة عامة هي مضروبات المتجهات . وإذا كان للمتجهات الرباعية أربعة .Tensors
أرجل (مركِّبات) نقدر على تعريفه ا بموجبها فإن الممتدات تحتاج إلى أرجل كثيرة كي ُتعَرَّف بصورة
مضبوطة.
الخميس أكتوبر 31, 2013 11:15 pm من طرف ستيفن هوبكنك
» رمضان مبارك
الإثنين يوليو 30, 2012 3:32 pm من طرف طالبة الفيزياء
» اقتراح للادارة !!
الثلاثاء يوليو 03, 2012 4:31 pm من طرف زهرة العلوم
» سلام خاص الى استاذي الغالي
الإثنين يوليو 02, 2012 4:12 pm من طرف زهرة العلوم
» نظائر الكلور
الإثنين يوليو 02, 2012 4:08 pm من طرف زهرة العلوم
» الصداقة الحقيقية
الإثنين يوليو 02, 2012 4:06 pm من طرف زهرة العلوم
» الابتسامة وفوائدها
الإثنين يوليو 02, 2012 3:58 pm من طرف زهرة العلوم
» العمليات الكيميائية لاستخلاص غاز الكلور
الإثنين يوليو 02, 2012 3:55 pm من طرف زهرة العلوم
» هل تعلم
الإثنين يوليو 02, 2012 3:45 pm من طرف زهرة العلوم