الأمراض البكتيرية:
1) مرض الدفتيريا ( Diphtheria )
يصيب هذا المرض الأطفال ، و أعراضه هي : التهاب البلعوم ، و انتفاخ اللوزتين ، مع ارتفاع درجة الحرارة ، و فقدان الشهية ، و سبب هذا المرض بكتيريا عصوية .و تفرز هذه البكتيريا السموم التي تنتشر في الدم ، و تصل إلى أعضاء هامة في الجسم مثل القلب و الكليتين و تسبب لهما الضرر . أما كيفية انتقالها فبطرق كثيرة ..
عندما يعطس المريض أو يسعل تنتشر بكتيريا الدفتيريا مع الرذاذ في الهواء ، و يتنفسها الشخص السليم عندما يتعرض لها ، و لذلك علينا أن نغطي الفم باليد أو منديل خاص عند العطاس أو السعال حفاظاً على الصحة العامة و منعاً لانتشار المرض ، كما قد تحدث العدوى بالمرض عن طريق الأغذية الملوثة مثل الحليب أو عن طريق اللعاب ، و يجب على المريض في حالة إصابته بالمرض ألا يغادر البيت ، و ألا يزوره أحد من أصدقائه حتى يشفى .
و يعالج المريض بإعطائه الحقن المضادة لسموم الدفتيريا ، و لقد أمكن في الوقت الحاضر حماية الأطفال من مرض الدفتيريا ، و ذلك بحقن الطفل بـ ( التوكسويد ) الواقي من هذا المرض في العام الأول من ولادة الطفل.
2) مرض الالتهاب الرئوي ( Pneumonia )
و هو مرض خطير يصيب الرئتين ، و أعراضه هي : شعور المريض بألم في الصدر ، و ارتفاع درجة الحرارة التي قد تصل إلى 40 درجة مئوية و ضيق و سرعة في التنفس ، و كثرة البصاق ، وسبب هذا المرض بكتيريا كروية النوع ، و تدخل البكتيريا جسم المريض عن طريق الهواء الملوث الداخل إلى الرئتين في أثناء عملية التنفس ، و في حالة إصابة الشخص بهذا المرض يفرز جسمه سوائل تغلق البكتيريا و الحويصلات الهوائية في الرئتين مما يجعل التنفس صعباً ..
إن التعرض للتيارات الهوائية الباردة و الملوثة قد يسبب للإنسان الإصابة بهذا المرض ، و يفسر العلماء ذلك بأن البكتيريا المسببة لهذا المرض موجودة لدى كل إنسان في بلعومه و هي لا تسبب المرض للشخص في الأحوال العادية لوجود المناعة الطبيعية في الجسم ، غير أنه يمكن أن تضعف مقاومة الجسم ، أي مقدرته على محاربة الجراثيم الغازية تحت شروط معينة ، منها التعرض للتيارات الهوائية الباردة بشكل مفاجئ ، مما يسمح بتكاثر البكتيريا المسببة للمرض ، و حتى تبقى مقاومة جسمك عالية ، عليك بالتغذية الجيدة ، و استنشاق هواء نقي و الراحة و تدفئة الجسم بالملابس المناسبة .
و يقوم الطبيب بعلاج المريض بعد تشخيصه للمرض و ذلك بإعطائه الكمية المناسبة من مركبات ( السلفا ) ، و المضادات الحيوية ، مثل : البنسلين ، الأوروميسين ، و التيراميسين ، و تعمل هذه العقاقير و الأدوية على تخفيض درجة الحرارة للمريض خلال يومين يتماثل بعدها للشفاء ، و يجدر بالمريض تناول كميات كبيرة من السوائل ، حتى لا تحدث مضاعفات للمرض و تتضرر بذلك الكليتين ، كما يجب على المريض التزام الراحة و النوم الكافي ، و استنشاق الهواء النقي .
3) مرض السل ( Tuberculosis )
اكتشف كوخ في القرن التاسع عشر العامل المسبب لمرض السل ، و هو بكتيريا عصوية تدخل الجسم عن طريق الجهاز التنفسي و تنمو في الرئتين ، يبدأ مرض السل عند الإنسان بسعال خفيف مصحوب بدم أحياناً ، و ينتج الدم من تمزق أنسجة الرئتين بفعل البكتيريا
يكثر مرض السل في الأماكن المزدحمة و الأحياء الفقيرة من المدن ، حيث تنتقل البكتيريا المسببة للمرض من شخص إلى آخر بسهولة عن طريق الهواء ، و يحتوي بصاق الشخص المريض على البكتيريا العصوية , و عندما يجف البصاق يحمل الهواء البكتيريا المسببة للمرض ، و يمكن أن ينقلها إلى شخص آخر سليم عن طريق التنفس ، و لذلك فعملية البصاق على الأرض عملية غير مقبولة لأنها تضر بالصحة .
كيف نتقي الإصابة بمرض السل؟ يمكن أن يصيب المرض أي شخص ، لكن الذين يصابون به أكثر من غيرهم ، هم الذين يتعرضون لبكتيريا المرض مباشرة ، و المصابون بسوء التغذية ، لذا تهتم الشعوب المتقدمة بالتغذية الجيدة و الراحة الكافية ، و يمكن أن يصاب الأطفال بمرض السل عن طريق شرب الحليب من بقرة مصابة ، و لذلك يجب أن يكون الحليب الذي تشربه مبستراً أي مسخناً لدرجة حرارة معينة تكفي لقتل البكتيريا الضارة فيه .
يمكن الكشف عن مرض السل باستعمال اختبار خاص و بالفحص بالأشعة السينية ( X-Ray ) ، و يساهم اكتشاف المرض في أولى مراحله في شفاء المريض بسرعة ، و يعالج الطبيب المريض بإعطائه الأدوية المناسبة مثل ( الستربتوميسين ) ، و في الحالات المتقدمة من المرض قد يلجأ الطبيب إلى العملية الجراحية ، و بالإضافة إلى العلاج بالأدوية يجدر بالمريض التزام الراحة ، و تناول الأغذية الجيدة ، و استنشاق الهواء النقي .
4) مرض التيفوئيد ( Typhoid )
يتسبب مرض التيفوئيد عن بكتيريا عصوية ، تدخل الجسم عن طريق الغذاء إلى الجهاز الهضمي ، و من أعراض هذا المرض : ارتفاع درجة حرارة المريض ، مع صداع في الرأس ، و فقدان للشهية ، و يمكن أن ينتشر مرض التيفوئيد بواسطة الذباب الذي ينقل بكتيريا المرض من براز و بول شخص مصاب بالمرض ، و يلوث به غذاء إنسان سليم ..
و للوقاية من مرض التيفوئيد يجب غسل الخضروات و الفواكه الطازجة بالماء و الصابون جيداً ، أو تطهيرها باستعمال مطهرات مناسبة
مثل ( البرمنغنات بنسبة 1-2جم للتر الواحد من الماء ) قبل أكلها . كما يجب شرب الماء النظيف و الحليب المبستر ، و مقاومة الذباب الناقل لمرض التيفوئيد ، و مما يجدر ذكره هنا أن بعض الحيوانات البحرية مثل المحار ، يمكن أن تحتوي على بكتيريا المرض إذا وجدت في مياه ملوثة ببراز الإنسان المصاب أو بوله ، و لذلك يجب عدم أكل مثل هذه الحيوانات في هذه الحالة .
تستعمل بعض المضادات الحيوية مثل ( البنسلين ) و ( الأمبيسيلين ) في علاج مرض التيفوئيد . و يمكن في حالة انتشار المرض حماية الناس منه بالتلقيح ، فيكتسب الشخص في هذه الحالة مناعة تستمر لمدة سنة .
5) مرض الزهري ( Syphilis )
الزهري ( السفلس ) مرض تناسلي ، و هو مرض معد مثل الأمراض السابقة ، و ينشأ عن الإصابة ببكتيريا حلزونية ( لولبية ) الشكل ، و يصيب كافة أنحاء الجسم ، تنتقل بكتيريا المرض عن طريق الجماع الجنسي مع شخص آخر مصاب ، كما قد ينتقل المرض عن طريق التقبيل أو أية أدوات أخرى خاصة بالمريض .
و يبدأ المرض بعد فترة حضانة تمتد من 3 أسابيع إلى 6 أشهر ، بظهور قرحة صلبة غير مؤلمة على طرف العضو التناسلي ، و قد تظهر القرحة على الشفه أو الأنف أو الأذن أو بين الثديين ، و يجب على المريض حال ظهور أعراض المرض أن يلجأ إلى الطبيب فوراً للعلاج ، و ألا يخجل من ذلك ، لأنه في هذه المرحلة يمكن التغلب على المرض بسهولة ، أما إذا لم يعالج المريض نفسه ، فإن القرحة ستـزول بعد فترة ، و يظن الشخص المصاب أنه قد شفي ، لكن الحقيقة هي أن المرض قد انتقل إلى المرحلة الثانية و ذلك بعد حوالي ثلاثة أشهر من زوال القرحة ، و يظهر طفح وردي على الصدر و الظهر و الأطراف الأمامية و الخلفية , و قد يظهر الطفح داخل الفم أيضاً ، و تستمر هذه المرحلة 4-5سنوات .
و بعد ذلك ينتقل المرض إلى المرحلة الثالثة من 5-10سنوات التي تبدأ بظهور أورام جلدية تنفجر و تتقرح و تشوه مظهر الجسم ، ثم تنتقل بكتيريا المرض إلى الدم ثم إلى المخ ، و الكبد ، و العظام ، و قد يصاب المريض بالشلل ، و الجنون و تضخم العظام ، مع آلام حادة ، كما قد يصاب المريض بالعمى و الصمم ، و الذبحة الصدرية و اضطراب التبول و التبرز .
و يجدر بالشخص المصاب بالزهري ألا يتزوج إلا بعد أن يعالج نفسه ، و إذا ما أصيب بهذا المرض في أثناء الزواج ، فيجب أن يعالج نفسه و يمتنع عن الجماع حتى يشفى من المرض ، و إلا فإن زوجته ستصاب بالمرض و يحدث لها إجهاضات متكررة ، أو تلد أطفالاً مشوهين جسمياً و عقلياً .
يعالج المصاب بمرض الزهري بإعطائه المضادات الحيوية المناسبة مثل ( البنسلين ) .
6) مرض السيلان ( Gonorrhea )
و هو مرض تناسلي معدي أيضاً ينتج عن الإصابة ببكتيريا كروية الشكل ، و ينتقل المرض عن طريق الجماع الجنسي أو استعمال أدوات المريض ، و يصيب هذا المرض المجاري البولية ، و التناسلية عند الذكور و الإناث ، و قد يصيب المرض العين عند استعمال المريض لمنشفة شخص مصاب .
تبدأ الإصابة بحرقان في مجرى البول و خاصة عند التبول ، مع خروج صديد ( قيح ) لزج من المجرى التناسلي ، و بالإضافة إلى ذلك يحدث تورم و التهاب في الأعضاء التناسلية , و قد تلتهب جفون العين و تتورم عندما يصيب المرض العين .
يمكن علاج مرض السيلان بسهولة و هو في مرحلته الأولى ، و ذلك بإعطاء المريض بعض المضادات الحيوية مثل ( البنسيلين ) ، أما الحالات المتقدمة من المرض بعد الإصابة بعدة سنوات فقد يصعب الشفاء منها ، و يشعر المريض في هذه الحالة بألم شديد في البطن ، ثم يمتد المرض إلى المثانة و الكلى و الخصيتين في الذكور ، و إلى المثانة البولية و الكلى و الرحم عند الإناث ، و قد يحدث نتيجة لذلك العقم عند الرجال و النساء ، و في بعض الحالات يمكن أن يصيب المرض قزحية العين أو القلب .
و ينصح الأطباء أن توضع في عيني الطفل عند ولادته ( حتى لو لم تكن الأم مصابة بالسيلان ) قطرتان من ( الأرجيرول ) بنسبة 10% .لأنه يمكن أن تكون المرأة مصابة بالسيلان ، و هي لا تشعر بذلك ، و في حالة كهذه تنتقل بكتيريا المرض إلى عيني الطفل في أثناء الولادة ، و من المحتمل إصابته بالعمى في المستقبل.
7) مرض الكوليرا ( Cholera )
و هو مرض معد ينتج عن الإصابة ببكتيريا واوية الشكل ( على شكل الحرف واو ) ، تعيش داخل الأمعاء الدقيقة للشخص المصاب ، و تنتقل هذه البكتيريا من المريض إلى السليم عن طريق تناول الطعام أو الشراب الملوث ببكتيريا المرض ، و يساعد الذباب في نقل بكتيريا المرض من براز إنسان مصاب إلى طعام إنسان سليم و شرابه ، و تظهر أعراض المرض بعد فترة حضانة تتراوح بين 6 ساعات إلى 48 ساعة على شكل آلام في الظهر و الأطراف مع إسهال ، و قيء متكرر و ألم شديد ، و يفقد الشخص المصاب نتيجة لذلك كميات كبيرة من السوائل. فيقل بوله و يجف جلده و يشعر بالبرد الشديد كما تزرق شفتاه و وجهه و أظافره ، و إذا لم يسعف المريض خلال الساعات الأولى ينتهي به الأمر إلى الوفاة .
و للوقاية من هذا المرض يجب غسل الخضروات و الفواكه جيداً بالماء و الصابون قبل أكلها ، و تطهيرها بالمطهرات المناسبة ، مثل محلول برمنغنات البوتاسيوم بنسبة 1-2جم لكل لتر واحد من الماء ، و غلي الماء و الحليب قبل شربهما ، و الامتناع عن تناول المرطبات و الأغذية المعرضة للذباب لأنها قد تكون ملوثة ببكتيريا المرض ، و العناية بالنظافة العامة فالنظافة من الإيمان .
و قد اعتبر هذا المرض قديماً من ( الأمراض الخطيرة ) ، أما اليوم فيعتبر من الأمراض البسيطة التي يمكن علاجها بسهولة . يعالج المريض بالأدوية المناسبة تحت إشراف الطبيب ، كما يعطى المريض كميات كبيرة من السوائل عن طريق الوريد لتعويض الجسم ما يفقده منها . مع التزام الراحة و تدفئة الجسم ، و يمكن في حالة انتشار مرض الكوليرا يمكن وقاية الناس منه بالتلقيح ، فيكسب الشخص مناعة تستمر ستة أشهر .
المناعة ضد الأمراض :
قد تتعجب عندما تسمع بأن بكتيريا صغيرة لا ترى بالمجهر مثل بكتيريا الكوليرا. تقتل إنساناً أو حيواناً يكبرها بملايين المرات .
و السبب في ذلك هو أن البكتيريا التي تدخل جسم الإنسان أو أي كائن حي آخر ، تتكاثر بسرعة مذهلة عندما تكون الظروف مناسبة لنموها . و تحتاج البكتيريا لبضعة أيام أو أشهر حتى تتكاثر بأعداد كبيرة و تسبب المرض .
و تسمى هذه الفترة بفترة – الحضانة – وهي الفترة التي تنقضي منذ دخول البكتيريا المرضية أو الفيروس المسبب للمرض إلى الجسم حتى تظهر أعراض المرض . فمثلاً فترة الحضانة للرشح 2-3أيام ، و للدفتيريا من يومين إلى ستة أيام ، و للأنفلونزا من 24-48ساعة ، و لشلل الأطفال من أسبوع إلى أسبوعين . و للتيفوئيد من أسبوع إلى أسبوعين ، قد تطول أو تقصر على حسب كمية الجراثيم
تُلحق البكتيريا و الفيروسات أضراراً بجسم الكائن الحي بطريقتين :
الأولى : هي أن تفرز بعض أنواع البكتيريا المرضية ، مثل بكتيريا الدفتيريا ، السموم داخل جسم الكائن الحي ، و تؤثر هذه السموم على أعضاء هامة في الجسم مثل القلب أو غيره من الأعضاء فتسبب لها التلف .
ثانياً : أما الطريقة الثانية التي يمكن أن تضر بها البكتيريا أو الفيروسات جسم الكائن الحي هي تحطيمها للخلايا . فمثلاً مرض السل تقوم البكتيريا بإتلاف خلايا الرئة ، و قد يتآكل أحد أوعية الدموية في الرئة فيزف منه الدم ، و عندما يسعل الشخص المصاب بهذا المرض يخرج الدم مع البصاق من فمه .
تدخل البكتيريا أو الفيروسات جسم الكائن الحي أو جسم الإنسان بثلاث طرق : فقد تدخل مع الهواء الذي نتنفسه عن طريق الأنف أو الفم إلى الجهاز التنفسي ، و قد تدخل مع الطعام و الشراب الذي نتناوله عن طريق الفم إلى الجهاز الهضمي، و أخيراً يمكن أن تدخل البكتيريا أو الفيروسات عن طريق الجلد في حالة وجود جروح فيه .
يشكل الجلد الذي تتركب بشرته من طبقة سميكة من الخلايا الميتة ، حاجزاً يمنع البكتيريا أو الفيروسات من الدخول إلى الجسم ، كما تفرز الأغشية المخاطية المبطنة للجهازين التنفسي و الهضمي سائلاً مخاطيا ً تعلق به البكتيريا أو الفيروسات فيمنعها من التوغل إلى داخل الجسم ، لاحظ أن المخاط يكثر عند الإنسان المصاب بالرشح مثلاً ، و تبطن القصبة الهوائية من الداخل خلايا مخاطية لها أهداب ذات حركة مستمرة و تدفع هذه الأهداب السائل المخاطي مع البكتيريا العالقة أو الفيروسات العالقة به إلى الفم أو الأنف فيتخلص منها الجسم .
و بالإضافة إلى ذلك تفرز بعض الأعضاء في الجسم سائلاً يقتل البكتيريا ، فالمعدة تفرز حمض ( الهيدرو كلوريك ) الذي يقتل معظم أنواع البكتيريا التي نبتلعها مع الطعام ، و تفرز الغدة الدمعية في العين ، السائل الدمعي الذي يقتل العديد من أنواع البكتيريا الداخلة إلى العين . لكن ماذا يحدث عندما تخترق البكتيريا أو الفيروسات جلد الإنسان أو الكائن الحي ؟
عندما تخترق البكتيريا الجلد ، تتصدى لها خلايا الدم البيضاء التي تعتبر خط الدفاع الأول عن الجسم ، حيث أن هذه الخلايا بحركتها الأميبية تحيط بالبكتيريا و تبتلعها و تهضمها .
عندما يجرح الإنسان يتكون دُمـّل مكان الجرح . يحتوي هذا الدّمّل على الصديد أو القيح ، و إذا فحصنا الصديد تحت المجهر نلاحظ أنه يتكون من كتلة من خلايا الدم البيضاء و البكتيريا ، كما نلاحظ العديد من البكتيريا داخل خلايا الدم البيضاء .
و قد تفرز البكتيريا السموم التي تقتل خلايا الدم البيضاء ، و قد تتكاثر هذه الجراثيم بسرعة لا تستطيع معها خلايا الدم البيضاء ابتلاعها و القضاء عليها . و تبدأ عندها البكتيريا في الانتشار داخل الجسم ، و رغم ذلك يمكن أن يستعيد الجسم صحته ...
يعتمد جسم الإنسان في مقاومته جراثيم المرض في هذه الحالة على خط الدفاع الثاني عن الجسم ، و هي الأجسام المضادة أو ما تسمى ( Antibodies ) . فينتج الجسم المضاد في جسم الإنسان كرد فعل لدخول مادة غريبة كالبروتين مثلا ً . و تسمى المادة الغريبة هذه بمولدة الجسم المضاد أو الأنتيجين(Antigen ) و يعتبر بروتين البكتيريا هنا هو الأنتيجين . و من خصائص الجسم المضاد نوعية الأنتيجين الذي يكونه . ففي حالة مرض التيفوئيد مثلاً ، فإن أنتيجين بكتيريا التيفوئيد يحث جسم الإنسان على إنتاج أجسام مضادة تقاوم بكتيريا التيفوئيد . و لا يكون للأجسام المضادة المتكونة في هذه الحالة أي تأثير على بكتيريا الكوليرا مثلاً أو غيرها . و متى تشكلت الأجسام المضادة للمرة الأولى في جسم الكائن الحي . يمكن أن تبقى معه عدة أشهر أو حتى عدة سنواتـ . و تكسبه مناعة ضد ذلك المرض ، و مثال ذلك : إذا أصابك مرض الحصبة في وقت ما فإن جسمك يكتسب المناعة ضد هذا المرض مدى الحياة ، و لا تصاب به مرة أخرى ..و قد لاحظ الناس منذ القدم أنه إذا أصيب شخص بمرض معين و شفي منه ، تصبح لديه مناعة ضد المرض , وتسمى هذه المناعة بـ ( المناعة الطبيعية ) أو ( Natural Immunity ) ، و لم يستطع العلماء تعليل ذلك و قد لاحظ الطبيب الإنجليزي جينر
1749-1823م . الشيء نفسه الذي لاحظه الناس القدماء ، و قد توصل نتيجة لتجاربه إلى اكتشاف عظيم خلّص الإنسانية من مرض رهيب ألا وهو مرض الجدري . درس جينر جدري البقر الذي يشبه إلى حد ما جدري الإنسان ، و لا حظ أن حالبات الأبقار يصبن أحياناً بمرض جدري البقر، و اعتقد المزارعون في ذلك الوقت أن الشخص الذي يصاب بمرض جدري البقر و يشفى منه ، تحصل لديه مناعة ضد مرض الجدري الذي يصيب الإنسان ، و لاختبار هذه الفكرة أو الفرضية أخذ جينر قسماً من سائل البثرات ( الصديد ) الموجودة على جلد البقر المصاب ووضعها على جرح ذراع طفل صغير، فظهرت على الطفل أعراض المرض ، و لكن بشكل طفيف . و تساءل جينر : هل تكونت لدى الطفل مناعة ضد مرض جدري الإنسان ؟؟ ل توجد إلا طريقة واحدة للتأكد من ذلك ألا وهي إدخال جزء من الصديد الموجود في بثرات شخص مصاب بجدري الإنسان إلى دم الطفل . و بالرغم من إمكانية حدوث الموت للطفل في حالة فشل هذه العملية ، فقد استمر جينر في تجربته . و بعد ستة أسابيع نفذ جينر تجربته على الصبي باستعمال جدري الإنسان ، و لم يصب الطفل بالمرض ، لقد اكتسب الطفل مناعة ضد مرض الجدري ، و بهذه الطريقة اكتشف جينر التلقيح ( التطعيم ) ( Vaccination ) و تسمى هذه المناعة التي اكتسبها الطفل بالمناعة المصطنعة ( Artificial Immunity ) ،
مرّ قرن من الزمان على تجربة جينر حتى تم التوصل إلى معرفة كيفية إنتاج المناعة بالتلقيح . إن فيروسات جدري البقر ، لحسن الحظ و فيروسات جدري الإنسان متشابهة إلى حد أن الأجسام المضادة الناتجة عن جدري البقر فعالة ضد جدري الإنسان ، لقد اكتسب الطفل في التجربة السابقة مناعة نشطة ( Active Immunity ) عندما أدخل جينر فيروسات جدري البقر ( الأنتيجين ) إلى دمـه .
و منذ عهد جينر اقترحت عدة طرق لإنتاج المناعة النشطة في الجسم ، منها قتل البكتيريا أو الفيروسات المسببة لمرض معين بمواد كيميائية ، ثم حقنها كأنتيجينات في دم الشخص . فتنتج بذلك أجسام مضادة لهذا المرض في دم ذلك الشخص . ومنها حقن الجسم بالبكتيريا أو الفيروسات بعد زرعها عدة مرات في وسط مصطنع أو حي فتتولد في الدم أجسام مضادة ، و هناك طريقة أخرى لإكساب الجسم مناعة نشطة ، و هي حقنه بأنتيجينات تسمى ( توكسويدات ) ( Toxoids ) ، و هي عبارة عن سموم مخفضة تجمع من مزارع البكتيريا بعد معالجاتها بمواد كيميائية لإضعافها و عند حقن هذه المواد في الجسم تنتج الأجسام المضادة للسموم (Antitoxins) .
و تستعمل هذه الطريقة مع بعض أنواع البكتيريا التي تفرز السموم داخل الجسم مثل بكتيريا الدفتيريا و التيتانوس ، حيث تقم الأجسام المضادة للسموم بإتلاف السموم و إبطال مفعولها .
يستغرق أحداث المناعة النشطة أشهراً و سنوات ، و في حالة انتشار المرض قد يكون الوقت متأخراً للبدء في المناعة النشطة ، و في حالات كهذه يعتمد الطبيب على ما يسمى المناعة السالبة ( Passive Immunity ) . تكتسب المناعة السالبة باستعمال الأجسام المضادة المتكونة في الحيوانات ، فإذا حقن حيوان معين مثل الحصان بأنتيجين مرض معين ، تتكون في مصل دم الحصان أجسام مضادة لهذا المرض ، و يسمى المصل في هذه الحالة بالمصل المضاد ( Antiserum ) . يحقن المصل في دم الشخص الذي يحتاج لمناعة عاجلة ضد مرض معين انتشر في البلاد فجأة ، و تكون المناعة هنا قوية ، و لكنها سرعان ما تفقد ، و ذلك لأنه لم يدخل أي أنتيجين إلى دم الشخص ، و لم تتشكل في دمه أجسام مضادة جديدة .
و توجد في خلايا الكائنات الحية مادة تسمى ( أنترفيرون ) ( Interferon ) و هي مركبة من بروتيني يستطيع حماية الكائن الحي من الأحماض النووية المخالفة لأحماضه ، و لهذه المادة أهمية خاصة في حماية الكائن الحي من جزيئات ( RNA ) ، ( DNA ) الغريبة عنه . و التي تدخل في تركيب الفيروسات ، لقد اقترح بعض العلماء أن هذه المادة يمكن أن تستعمل في علاج مرض السرطان ، فيما لو كانت الفيروسات ، كلما يعتقد العلماء ، هي أحد العوامل المسببة لهذا المرض ..
العلاج بالعقاقير و المضادات الحيوية:
استعمل الإنسان منذ آلاف السنين العقاقير لمعالجة بعض الأمراض ، و كانت هذه العقاقير في ذلك الوقت عبارة عن مزيج من الأعشاب البرية ، و كان من الصعب آنذاك إيجاد عقار يقتل جراثيم المرض داخل الجسم دون الإضرار بخلايا الجسم ،
و ما أن جاء القرن التاسع عشر حتى تم اكتشاف عقار يقضي على جراثيم المرض دون أن يتلف خلايا الجسم ، و هذا العقار عبارة عن مسحوق أبيض يسمى ( سلفانيلاميد ) ( Sulfanilamide ) ، و يتوفر الآن عدد من العقاقير الشبيهة بالسلفانيلاميد و تسمى عقاقير السلفا. و يمكن أن تستعمل هذه العقاقير بحقنها في الدم أو ابتلاعها على شكل حبوب ، و قد انخفضت حالات مرض الالتهاب الرئوي نتيجة استعمال هذه العقاقير . كما تستعمل هذه العقاقير في علاج أمراض أخرى مثل السيلان و التهاب الأذن و البلعوم ( الزور ) و الجلد .
أما المضادات الحيوية ( Antibiotics ) فقد أصبحت جزءاً هاماً في حياتنا ، و المضادات الحيوية عبارة عن مواد كيميائية تنتج عن كائن حي ، و تستطيع أن تعيق نمو الكائنات الدقيقة ، و تستطيع بعض أنواع العفن ( الفطريات ) ، و البكتيريا ، و حتى بعض النباتات الخضراء المعقدة إنتاج المضادات الحيوية .
في سنة 1920مـ ، اكتشف المضادات الحيوية عالم إنجليزي اسمه ( فليمنج ) ( Fleming ) حيث شاهد هذا العالم عفناً أخضراً نامياً على سطح أحد أطباق ( بتري ) التي يجري عليها تجاربه ، و قد سقط هذا العفن من الهواء على شكل أبواغ نمت على المواد الغذائية في الطبق و كونت مستعمرة ( البنسيليوم ) ، و عندما دقق فليمنج النظر في الطبق ، وجد أن المنطقة التي نما فيها العفن لا تحتوي على بكتيريا ، و بعد تجارب عديدة وجد فليمنج أن العفن الذي هو عبارة عن فطر البنسيليوم ينتج مادة تستطيع القضاء على العديد من أنواع البكتيريا ، و سمى فليمنج هذه المادة ( بنسلين ) (Penicillin )
و في البداية أنتج العلماء البنسلين بكميات محدودة ، وما أن جاءت سنة 1938 حتى استطاع العلماء إنتاجه بكميات كبيرة ، و قد كان إنتاجه مفيداً جداً ، و ذلك لأن الحرب العالمية الثانية كانت في بدايتها ، و قد أنقذ البنسلين بقدرة الله حياة الجرحى من موت محتم نتيجة لالتهابات الجروح ، و يستعمل البنسلين على شكل حقن ، أو حبوب ، أو مسحوق ، أو مراهم ...
و يستطيع البنسلين القضاء على العديد من الأمراض البكتيرية مثل : الالتهاب الرئوي ، الدفتيريا ، الزهري ( السفلس ) ، السيلان ، و التهابات الجروح . غير أن البنسلين لا يستطيع القضاء على عدد آخر من الأمراض البكتيرية مثل : مرض السل ، كما أنه لا يفيد في علاج أي من الأمراض الفيروسية ، لهذا السبب بحث العلماء عن مضادات حيوية أخرى من أنواع أخرى من العفن ، أو البكتيريا أو الطحالب أو الأشنات أو النباتات الخضراء المعقدة ، و من المضادات الحيوية المستعملة في الوقت الحاضر بالإضافة إلى البنسلين – ستربتوميسين ( Streptomycin ) ، و اوروميسين ( Aureomycin ) ، و تيراميسين ( Terramycin ) ، و أكرومايسين ( Achromycin ) ، و ... الخ.
تستعمل عقاقير السلفا و المضادات الحيوية في الوقت الحاضر على نطاق واسع ، و بهذا العدد يجب أن نتذكر أن المادة التي تقضي على البكتيريا يمكن أن تسبب لخلايا جسمنا الضرر ، و في بعض الحالات فإن تعاطي المضادات الحيوية عن طريق الفم ، يمكن أن يقضي على البكتيريا المفيدة الموجودة في الأمعاء مثل : البكتيريا التي تنتج العديد من فيتامينات ب ( B ) و كذلك البنسلين قد يسبب الموت المفاجئ عند الأشخاص ذوي الحساسية ، و لهذا السبب يجب تعاطي عقاقير السلفا و المضادات الحيوية بحذر شديد كما يجب أن تؤخذ تحت إشراف طبيب ماهر ، و من ناحية أخرى فإن الاستعمال الواسع للمضادات الحيوية ، يمكن أن يؤدي إلى ظهور سلالات من البكتيريا تقاوم بشكل كبير المضادات الحيوية ، و في هذه الحالة يصبح المضاد الحيوي عديم الفائدة بالنسبة للبكتيريا المقاومة ، و لا يستطيع القضاء عليها .
فمثلاً نمت في المستشفيات بكتيريا من نوع المكور العنقودي ( البكتيريا الكروية العنقودية ) ( Staphylococci ) ، و هذه البكتريا تقاوم البنسلين ، و قد أصبحت مشكلة كبيرة في العديد من المستشفيات ، حيث تفرز هذه البكتيريا أنزيماً يسمى ( البنسيليز ) ( Penicillinase ) يحطم البنسلين و يبطل مفعوله ، و بذلك يصبح البنسلين عديم الفائدة في هذه الحالة ...
1) مرض الدفتيريا ( Diphtheria )
يصيب هذا المرض الأطفال ، و أعراضه هي : التهاب البلعوم ، و انتفاخ اللوزتين ، مع ارتفاع درجة الحرارة ، و فقدان الشهية ، و سبب هذا المرض بكتيريا عصوية .و تفرز هذه البكتيريا السموم التي تنتشر في الدم ، و تصل إلى أعضاء هامة في الجسم مثل القلب و الكليتين و تسبب لهما الضرر . أما كيفية انتقالها فبطرق كثيرة ..
عندما يعطس المريض أو يسعل تنتشر بكتيريا الدفتيريا مع الرذاذ في الهواء ، و يتنفسها الشخص السليم عندما يتعرض لها ، و لذلك علينا أن نغطي الفم باليد أو منديل خاص عند العطاس أو السعال حفاظاً على الصحة العامة و منعاً لانتشار المرض ، كما قد تحدث العدوى بالمرض عن طريق الأغذية الملوثة مثل الحليب أو عن طريق اللعاب ، و يجب على المريض في حالة إصابته بالمرض ألا يغادر البيت ، و ألا يزوره أحد من أصدقائه حتى يشفى .
و يعالج المريض بإعطائه الحقن المضادة لسموم الدفتيريا ، و لقد أمكن في الوقت الحاضر حماية الأطفال من مرض الدفتيريا ، و ذلك بحقن الطفل بـ ( التوكسويد ) الواقي من هذا المرض في العام الأول من ولادة الطفل.
2) مرض الالتهاب الرئوي ( Pneumonia )
و هو مرض خطير يصيب الرئتين ، و أعراضه هي : شعور المريض بألم في الصدر ، و ارتفاع درجة الحرارة التي قد تصل إلى 40 درجة مئوية و ضيق و سرعة في التنفس ، و كثرة البصاق ، وسبب هذا المرض بكتيريا كروية النوع ، و تدخل البكتيريا جسم المريض عن طريق الهواء الملوث الداخل إلى الرئتين في أثناء عملية التنفس ، و في حالة إصابة الشخص بهذا المرض يفرز جسمه سوائل تغلق البكتيريا و الحويصلات الهوائية في الرئتين مما يجعل التنفس صعباً ..
إن التعرض للتيارات الهوائية الباردة و الملوثة قد يسبب للإنسان الإصابة بهذا المرض ، و يفسر العلماء ذلك بأن البكتيريا المسببة لهذا المرض موجودة لدى كل إنسان في بلعومه و هي لا تسبب المرض للشخص في الأحوال العادية لوجود المناعة الطبيعية في الجسم ، غير أنه يمكن أن تضعف مقاومة الجسم ، أي مقدرته على محاربة الجراثيم الغازية تحت شروط معينة ، منها التعرض للتيارات الهوائية الباردة بشكل مفاجئ ، مما يسمح بتكاثر البكتيريا المسببة للمرض ، و حتى تبقى مقاومة جسمك عالية ، عليك بالتغذية الجيدة ، و استنشاق هواء نقي و الراحة و تدفئة الجسم بالملابس المناسبة .
و يقوم الطبيب بعلاج المريض بعد تشخيصه للمرض و ذلك بإعطائه الكمية المناسبة من مركبات ( السلفا ) ، و المضادات الحيوية ، مثل : البنسلين ، الأوروميسين ، و التيراميسين ، و تعمل هذه العقاقير و الأدوية على تخفيض درجة الحرارة للمريض خلال يومين يتماثل بعدها للشفاء ، و يجدر بالمريض تناول كميات كبيرة من السوائل ، حتى لا تحدث مضاعفات للمرض و تتضرر بذلك الكليتين ، كما يجب على المريض التزام الراحة و النوم الكافي ، و استنشاق الهواء النقي .
3) مرض السل ( Tuberculosis )
اكتشف كوخ في القرن التاسع عشر العامل المسبب لمرض السل ، و هو بكتيريا عصوية تدخل الجسم عن طريق الجهاز التنفسي و تنمو في الرئتين ، يبدأ مرض السل عند الإنسان بسعال خفيف مصحوب بدم أحياناً ، و ينتج الدم من تمزق أنسجة الرئتين بفعل البكتيريا
يكثر مرض السل في الأماكن المزدحمة و الأحياء الفقيرة من المدن ، حيث تنتقل البكتيريا المسببة للمرض من شخص إلى آخر بسهولة عن طريق الهواء ، و يحتوي بصاق الشخص المريض على البكتيريا العصوية , و عندما يجف البصاق يحمل الهواء البكتيريا المسببة للمرض ، و يمكن أن ينقلها إلى شخص آخر سليم عن طريق التنفس ، و لذلك فعملية البصاق على الأرض عملية غير مقبولة لأنها تضر بالصحة .
كيف نتقي الإصابة بمرض السل؟ يمكن أن يصيب المرض أي شخص ، لكن الذين يصابون به أكثر من غيرهم ، هم الذين يتعرضون لبكتيريا المرض مباشرة ، و المصابون بسوء التغذية ، لذا تهتم الشعوب المتقدمة بالتغذية الجيدة و الراحة الكافية ، و يمكن أن يصاب الأطفال بمرض السل عن طريق شرب الحليب من بقرة مصابة ، و لذلك يجب أن يكون الحليب الذي تشربه مبستراً أي مسخناً لدرجة حرارة معينة تكفي لقتل البكتيريا الضارة فيه .
يمكن الكشف عن مرض السل باستعمال اختبار خاص و بالفحص بالأشعة السينية ( X-Ray ) ، و يساهم اكتشاف المرض في أولى مراحله في شفاء المريض بسرعة ، و يعالج الطبيب المريض بإعطائه الأدوية المناسبة مثل ( الستربتوميسين ) ، و في الحالات المتقدمة من المرض قد يلجأ الطبيب إلى العملية الجراحية ، و بالإضافة إلى العلاج بالأدوية يجدر بالمريض التزام الراحة ، و تناول الأغذية الجيدة ، و استنشاق الهواء النقي .
4) مرض التيفوئيد ( Typhoid )
يتسبب مرض التيفوئيد عن بكتيريا عصوية ، تدخل الجسم عن طريق الغذاء إلى الجهاز الهضمي ، و من أعراض هذا المرض : ارتفاع درجة حرارة المريض ، مع صداع في الرأس ، و فقدان للشهية ، و يمكن أن ينتشر مرض التيفوئيد بواسطة الذباب الذي ينقل بكتيريا المرض من براز و بول شخص مصاب بالمرض ، و يلوث به غذاء إنسان سليم ..
و للوقاية من مرض التيفوئيد يجب غسل الخضروات و الفواكه الطازجة بالماء و الصابون جيداً ، أو تطهيرها باستعمال مطهرات مناسبة
مثل ( البرمنغنات بنسبة 1-2جم للتر الواحد من الماء ) قبل أكلها . كما يجب شرب الماء النظيف و الحليب المبستر ، و مقاومة الذباب الناقل لمرض التيفوئيد ، و مما يجدر ذكره هنا أن بعض الحيوانات البحرية مثل المحار ، يمكن أن تحتوي على بكتيريا المرض إذا وجدت في مياه ملوثة ببراز الإنسان المصاب أو بوله ، و لذلك يجب عدم أكل مثل هذه الحيوانات في هذه الحالة .
تستعمل بعض المضادات الحيوية مثل ( البنسلين ) و ( الأمبيسيلين ) في علاج مرض التيفوئيد . و يمكن في حالة انتشار المرض حماية الناس منه بالتلقيح ، فيكتسب الشخص في هذه الحالة مناعة تستمر لمدة سنة .
5) مرض الزهري ( Syphilis )
الزهري ( السفلس ) مرض تناسلي ، و هو مرض معد مثل الأمراض السابقة ، و ينشأ عن الإصابة ببكتيريا حلزونية ( لولبية ) الشكل ، و يصيب كافة أنحاء الجسم ، تنتقل بكتيريا المرض عن طريق الجماع الجنسي مع شخص آخر مصاب ، كما قد ينتقل المرض عن طريق التقبيل أو أية أدوات أخرى خاصة بالمريض .
و يبدأ المرض بعد فترة حضانة تمتد من 3 أسابيع إلى 6 أشهر ، بظهور قرحة صلبة غير مؤلمة على طرف العضو التناسلي ، و قد تظهر القرحة على الشفه أو الأنف أو الأذن أو بين الثديين ، و يجب على المريض حال ظهور أعراض المرض أن يلجأ إلى الطبيب فوراً للعلاج ، و ألا يخجل من ذلك ، لأنه في هذه المرحلة يمكن التغلب على المرض بسهولة ، أما إذا لم يعالج المريض نفسه ، فإن القرحة ستـزول بعد فترة ، و يظن الشخص المصاب أنه قد شفي ، لكن الحقيقة هي أن المرض قد انتقل إلى المرحلة الثانية و ذلك بعد حوالي ثلاثة أشهر من زوال القرحة ، و يظهر طفح وردي على الصدر و الظهر و الأطراف الأمامية و الخلفية , و قد يظهر الطفح داخل الفم أيضاً ، و تستمر هذه المرحلة 4-5سنوات .
و بعد ذلك ينتقل المرض إلى المرحلة الثالثة من 5-10سنوات التي تبدأ بظهور أورام جلدية تنفجر و تتقرح و تشوه مظهر الجسم ، ثم تنتقل بكتيريا المرض إلى الدم ثم إلى المخ ، و الكبد ، و العظام ، و قد يصاب المريض بالشلل ، و الجنون و تضخم العظام ، مع آلام حادة ، كما قد يصاب المريض بالعمى و الصمم ، و الذبحة الصدرية و اضطراب التبول و التبرز .
و يجدر بالشخص المصاب بالزهري ألا يتزوج إلا بعد أن يعالج نفسه ، و إذا ما أصيب بهذا المرض في أثناء الزواج ، فيجب أن يعالج نفسه و يمتنع عن الجماع حتى يشفى من المرض ، و إلا فإن زوجته ستصاب بالمرض و يحدث لها إجهاضات متكررة ، أو تلد أطفالاً مشوهين جسمياً و عقلياً .
يعالج المصاب بمرض الزهري بإعطائه المضادات الحيوية المناسبة مثل ( البنسلين ) .
6) مرض السيلان ( Gonorrhea )
و هو مرض تناسلي معدي أيضاً ينتج عن الإصابة ببكتيريا كروية الشكل ، و ينتقل المرض عن طريق الجماع الجنسي أو استعمال أدوات المريض ، و يصيب هذا المرض المجاري البولية ، و التناسلية عند الذكور و الإناث ، و قد يصيب المرض العين عند استعمال المريض لمنشفة شخص مصاب .
تبدأ الإصابة بحرقان في مجرى البول و خاصة عند التبول ، مع خروج صديد ( قيح ) لزج من المجرى التناسلي ، و بالإضافة إلى ذلك يحدث تورم و التهاب في الأعضاء التناسلية , و قد تلتهب جفون العين و تتورم عندما يصيب المرض العين .
يمكن علاج مرض السيلان بسهولة و هو في مرحلته الأولى ، و ذلك بإعطاء المريض بعض المضادات الحيوية مثل ( البنسيلين ) ، أما الحالات المتقدمة من المرض بعد الإصابة بعدة سنوات فقد يصعب الشفاء منها ، و يشعر المريض في هذه الحالة بألم شديد في البطن ، ثم يمتد المرض إلى المثانة و الكلى و الخصيتين في الذكور ، و إلى المثانة البولية و الكلى و الرحم عند الإناث ، و قد يحدث نتيجة لذلك العقم عند الرجال و النساء ، و في بعض الحالات يمكن أن يصيب المرض قزحية العين أو القلب .
و ينصح الأطباء أن توضع في عيني الطفل عند ولادته ( حتى لو لم تكن الأم مصابة بالسيلان ) قطرتان من ( الأرجيرول ) بنسبة 10% .لأنه يمكن أن تكون المرأة مصابة بالسيلان ، و هي لا تشعر بذلك ، و في حالة كهذه تنتقل بكتيريا المرض إلى عيني الطفل في أثناء الولادة ، و من المحتمل إصابته بالعمى في المستقبل.
7) مرض الكوليرا ( Cholera )
و هو مرض معد ينتج عن الإصابة ببكتيريا واوية الشكل ( على شكل الحرف واو ) ، تعيش داخل الأمعاء الدقيقة للشخص المصاب ، و تنتقل هذه البكتيريا من المريض إلى السليم عن طريق تناول الطعام أو الشراب الملوث ببكتيريا المرض ، و يساعد الذباب في نقل بكتيريا المرض من براز إنسان مصاب إلى طعام إنسان سليم و شرابه ، و تظهر أعراض المرض بعد فترة حضانة تتراوح بين 6 ساعات إلى 48 ساعة على شكل آلام في الظهر و الأطراف مع إسهال ، و قيء متكرر و ألم شديد ، و يفقد الشخص المصاب نتيجة لذلك كميات كبيرة من السوائل. فيقل بوله و يجف جلده و يشعر بالبرد الشديد كما تزرق شفتاه و وجهه و أظافره ، و إذا لم يسعف المريض خلال الساعات الأولى ينتهي به الأمر إلى الوفاة .
و للوقاية من هذا المرض يجب غسل الخضروات و الفواكه جيداً بالماء و الصابون قبل أكلها ، و تطهيرها بالمطهرات المناسبة ، مثل محلول برمنغنات البوتاسيوم بنسبة 1-2جم لكل لتر واحد من الماء ، و غلي الماء و الحليب قبل شربهما ، و الامتناع عن تناول المرطبات و الأغذية المعرضة للذباب لأنها قد تكون ملوثة ببكتيريا المرض ، و العناية بالنظافة العامة فالنظافة من الإيمان .
و قد اعتبر هذا المرض قديماً من ( الأمراض الخطيرة ) ، أما اليوم فيعتبر من الأمراض البسيطة التي يمكن علاجها بسهولة . يعالج المريض بالأدوية المناسبة تحت إشراف الطبيب ، كما يعطى المريض كميات كبيرة من السوائل عن طريق الوريد لتعويض الجسم ما يفقده منها . مع التزام الراحة و تدفئة الجسم ، و يمكن في حالة انتشار مرض الكوليرا يمكن وقاية الناس منه بالتلقيح ، فيكسب الشخص مناعة تستمر ستة أشهر .
المناعة ضد الأمراض :
قد تتعجب عندما تسمع بأن بكتيريا صغيرة لا ترى بالمجهر مثل بكتيريا الكوليرا. تقتل إنساناً أو حيواناً يكبرها بملايين المرات .
و السبب في ذلك هو أن البكتيريا التي تدخل جسم الإنسان أو أي كائن حي آخر ، تتكاثر بسرعة مذهلة عندما تكون الظروف مناسبة لنموها . و تحتاج البكتيريا لبضعة أيام أو أشهر حتى تتكاثر بأعداد كبيرة و تسبب المرض .
و تسمى هذه الفترة بفترة – الحضانة – وهي الفترة التي تنقضي منذ دخول البكتيريا المرضية أو الفيروس المسبب للمرض إلى الجسم حتى تظهر أعراض المرض . فمثلاً فترة الحضانة للرشح 2-3أيام ، و للدفتيريا من يومين إلى ستة أيام ، و للأنفلونزا من 24-48ساعة ، و لشلل الأطفال من أسبوع إلى أسبوعين . و للتيفوئيد من أسبوع إلى أسبوعين ، قد تطول أو تقصر على حسب كمية الجراثيم
تُلحق البكتيريا و الفيروسات أضراراً بجسم الكائن الحي بطريقتين :
الأولى : هي أن تفرز بعض أنواع البكتيريا المرضية ، مثل بكتيريا الدفتيريا ، السموم داخل جسم الكائن الحي ، و تؤثر هذه السموم على أعضاء هامة في الجسم مثل القلب أو غيره من الأعضاء فتسبب لها التلف .
ثانياً : أما الطريقة الثانية التي يمكن أن تضر بها البكتيريا أو الفيروسات جسم الكائن الحي هي تحطيمها للخلايا . فمثلاً مرض السل تقوم البكتيريا بإتلاف خلايا الرئة ، و قد يتآكل أحد أوعية الدموية في الرئة فيزف منه الدم ، و عندما يسعل الشخص المصاب بهذا المرض يخرج الدم مع البصاق من فمه .
تدخل البكتيريا أو الفيروسات جسم الكائن الحي أو جسم الإنسان بثلاث طرق : فقد تدخل مع الهواء الذي نتنفسه عن طريق الأنف أو الفم إلى الجهاز التنفسي ، و قد تدخل مع الطعام و الشراب الذي نتناوله عن طريق الفم إلى الجهاز الهضمي، و أخيراً يمكن أن تدخل البكتيريا أو الفيروسات عن طريق الجلد في حالة وجود جروح فيه .
يشكل الجلد الذي تتركب بشرته من طبقة سميكة من الخلايا الميتة ، حاجزاً يمنع البكتيريا أو الفيروسات من الدخول إلى الجسم ، كما تفرز الأغشية المخاطية المبطنة للجهازين التنفسي و الهضمي سائلاً مخاطيا ً تعلق به البكتيريا أو الفيروسات فيمنعها من التوغل إلى داخل الجسم ، لاحظ أن المخاط يكثر عند الإنسان المصاب بالرشح مثلاً ، و تبطن القصبة الهوائية من الداخل خلايا مخاطية لها أهداب ذات حركة مستمرة و تدفع هذه الأهداب السائل المخاطي مع البكتيريا العالقة أو الفيروسات العالقة به إلى الفم أو الأنف فيتخلص منها الجسم .
و بالإضافة إلى ذلك تفرز بعض الأعضاء في الجسم سائلاً يقتل البكتيريا ، فالمعدة تفرز حمض ( الهيدرو كلوريك ) الذي يقتل معظم أنواع البكتيريا التي نبتلعها مع الطعام ، و تفرز الغدة الدمعية في العين ، السائل الدمعي الذي يقتل العديد من أنواع البكتيريا الداخلة إلى العين . لكن ماذا يحدث عندما تخترق البكتيريا أو الفيروسات جلد الإنسان أو الكائن الحي ؟
عندما تخترق البكتيريا الجلد ، تتصدى لها خلايا الدم البيضاء التي تعتبر خط الدفاع الأول عن الجسم ، حيث أن هذه الخلايا بحركتها الأميبية تحيط بالبكتيريا و تبتلعها و تهضمها .
عندما يجرح الإنسان يتكون دُمـّل مكان الجرح . يحتوي هذا الدّمّل على الصديد أو القيح ، و إذا فحصنا الصديد تحت المجهر نلاحظ أنه يتكون من كتلة من خلايا الدم البيضاء و البكتيريا ، كما نلاحظ العديد من البكتيريا داخل خلايا الدم البيضاء .
و قد تفرز البكتيريا السموم التي تقتل خلايا الدم البيضاء ، و قد تتكاثر هذه الجراثيم بسرعة لا تستطيع معها خلايا الدم البيضاء ابتلاعها و القضاء عليها . و تبدأ عندها البكتيريا في الانتشار داخل الجسم ، و رغم ذلك يمكن أن يستعيد الجسم صحته ...
يعتمد جسم الإنسان في مقاومته جراثيم المرض في هذه الحالة على خط الدفاع الثاني عن الجسم ، و هي الأجسام المضادة أو ما تسمى ( Antibodies ) . فينتج الجسم المضاد في جسم الإنسان كرد فعل لدخول مادة غريبة كالبروتين مثلا ً . و تسمى المادة الغريبة هذه بمولدة الجسم المضاد أو الأنتيجين(Antigen ) و يعتبر بروتين البكتيريا هنا هو الأنتيجين . و من خصائص الجسم المضاد نوعية الأنتيجين الذي يكونه . ففي حالة مرض التيفوئيد مثلاً ، فإن أنتيجين بكتيريا التيفوئيد يحث جسم الإنسان على إنتاج أجسام مضادة تقاوم بكتيريا التيفوئيد . و لا يكون للأجسام المضادة المتكونة في هذه الحالة أي تأثير على بكتيريا الكوليرا مثلاً أو غيرها . و متى تشكلت الأجسام المضادة للمرة الأولى في جسم الكائن الحي . يمكن أن تبقى معه عدة أشهر أو حتى عدة سنواتـ . و تكسبه مناعة ضد ذلك المرض ، و مثال ذلك : إذا أصابك مرض الحصبة في وقت ما فإن جسمك يكتسب المناعة ضد هذا المرض مدى الحياة ، و لا تصاب به مرة أخرى ..و قد لاحظ الناس منذ القدم أنه إذا أصيب شخص بمرض معين و شفي منه ، تصبح لديه مناعة ضد المرض , وتسمى هذه المناعة بـ ( المناعة الطبيعية ) أو ( Natural Immunity ) ، و لم يستطع العلماء تعليل ذلك و قد لاحظ الطبيب الإنجليزي جينر
1749-1823م . الشيء نفسه الذي لاحظه الناس القدماء ، و قد توصل نتيجة لتجاربه إلى اكتشاف عظيم خلّص الإنسانية من مرض رهيب ألا وهو مرض الجدري . درس جينر جدري البقر الذي يشبه إلى حد ما جدري الإنسان ، و لا حظ أن حالبات الأبقار يصبن أحياناً بمرض جدري البقر، و اعتقد المزارعون في ذلك الوقت أن الشخص الذي يصاب بمرض جدري البقر و يشفى منه ، تحصل لديه مناعة ضد مرض الجدري الذي يصيب الإنسان ، و لاختبار هذه الفكرة أو الفرضية أخذ جينر قسماً من سائل البثرات ( الصديد ) الموجودة على جلد البقر المصاب ووضعها على جرح ذراع طفل صغير، فظهرت على الطفل أعراض المرض ، و لكن بشكل طفيف . و تساءل جينر : هل تكونت لدى الطفل مناعة ضد مرض جدري الإنسان ؟؟ ل توجد إلا طريقة واحدة للتأكد من ذلك ألا وهي إدخال جزء من الصديد الموجود في بثرات شخص مصاب بجدري الإنسان إلى دم الطفل . و بالرغم من إمكانية حدوث الموت للطفل في حالة فشل هذه العملية ، فقد استمر جينر في تجربته . و بعد ستة أسابيع نفذ جينر تجربته على الصبي باستعمال جدري الإنسان ، و لم يصب الطفل بالمرض ، لقد اكتسب الطفل مناعة ضد مرض الجدري ، و بهذه الطريقة اكتشف جينر التلقيح ( التطعيم ) ( Vaccination ) و تسمى هذه المناعة التي اكتسبها الطفل بالمناعة المصطنعة ( Artificial Immunity ) ،
مرّ قرن من الزمان على تجربة جينر حتى تم التوصل إلى معرفة كيفية إنتاج المناعة بالتلقيح . إن فيروسات جدري البقر ، لحسن الحظ و فيروسات جدري الإنسان متشابهة إلى حد أن الأجسام المضادة الناتجة عن جدري البقر فعالة ضد جدري الإنسان ، لقد اكتسب الطفل في التجربة السابقة مناعة نشطة ( Active Immunity ) عندما أدخل جينر فيروسات جدري البقر ( الأنتيجين ) إلى دمـه .
و منذ عهد جينر اقترحت عدة طرق لإنتاج المناعة النشطة في الجسم ، منها قتل البكتيريا أو الفيروسات المسببة لمرض معين بمواد كيميائية ، ثم حقنها كأنتيجينات في دم الشخص . فتنتج بذلك أجسام مضادة لهذا المرض في دم ذلك الشخص . ومنها حقن الجسم بالبكتيريا أو الفيروسات بعد زرعها عدة مرات في وسط مصطنع أو حي فتتولد في الدم أجسام مضادة ، و هناك طريقة أخرى لإكساب الجسم مناعة نشطة ، و هي حقنه بأنتيجينات تسمى ( توكسويدات ) ( Toxoids ) ، و هي عبارة عن سموم مخفضة تجمع من مزارع البكتيريا بعد معالجاتها بمواد كيميائية لإضعافها و عند حقن هذه المواد في الجسم تنتج الأجسام المضادة للسموم (Antitoxins) .
و تستعمل هذه الطريقة مع بعض أنواع البكتيريا التي تفرز السموم داخل الجسم مثل بكتيريا الدفتيريا و التيتانوس ، حيث تقم الأجسام المضادة للسموم بإتلاف السموم و إبطال مفعولها .
يستغرق أحداث المناعة النشطة أشهراً و سنوات ، و في حالة انتشار المرض قد يكون الوقت متأخراً للبدء في المناعة النشطة ، و في حالات كهذه يعتمد الطبيب على ما يسمى المناعة السالبة ( Passive Immunity ) . تكتسب المناعة السالبة باستعمال الأجسام المضادة المتكونة في الحيوانات ، فإذا حقن حيوان معين مثل الحصان بأنتيجين مرض معين ، تتكون في مصل دم الحصان أجسام مضادة لهذا المرض ، و يسمى المصل في هذه الحالة بالمصل المضاد ( Antiserum ) . يحقن المصل في دم الشخص الذي يحتاج لمناعة عاجلة ضد مرض معين انتشر في البلاد فجأة ، و تكون المناعة هنا قوية ، و لكنها سرعان ما تفقد ، و ذلك لأنه لم يدخل أي أنتيجين إلى دم الشخص ، و لم تتشكل في دمه أجسام مضادة جديدة .
و توجد في خلايا الكائنات الحية مادة تسمى ( أنترفيرون ) ( Interferon ) و هي مركبة من بروتيني يستطيع حماية الكائن الحي من الأحماض النووية المخالفة لأحماضه ، و لهذه المادة أهمية خاصة في حماية الكائن الحي من جزيئات ( RNA ) ، ( DNA ) الغريبة عنه . و التي تدخل في تركيب الفيروسات ، لقد اقترح بعض العلماء أن هذه المادة يمكن أن تستعمل في علاج مرض السرطان ، فيما لو كانت الفيروسات ، كلما يعتقد العلماء ، هي أحد العوامل المسببة لهذا المرض ..
العلاج بالعقاقير و المضادات الحيوية:
استعمل الإنسان منذ آلاف السنين العقاقير لمعالجة بعض الأمراض ، و كانت هذه العقاقير في ذلك الوقت عبارة عن مزيج من الأعشاب البرية ، و كان من الصعب آنذاك إيجاد عقار يقتل جراثيم المرض داخل الجسم دون الإضرار بخلايا الجسم ،
و ما أن جاء القرن التاسع عشر حتى تم اكتشاف عقار يقضي على جراثيم المرض دون أن يتلف خلايا الجسم ، و هذا العقار عبارة عن مسحوق أبيض يسمى ( سلفانيلاميد ) ( Sulfanilamide ) ، و يتوفر الآن عدد من العقاقير الشبيهة بالسلفانيلاميد و تسمى عقاقير السلفا. و يمكن أن تستعمل هذه العقاقير بحقنها في الدم أو ابتلاعها على شكل حبوب ، و قد انخفضت حالات مرض الالتهاب الرئوي نتيجة استعمال هذه العقاقير . كما تستعمل هذه العقاقير في علاج أمراض أخرى مثل السيلان و التهاب الأذن و البلعوم ( الزور ) و الجلد .
أما المضادات الحيوية ( Antibiotics ) فقد أصبحت جزءاً هاماً في حياتنا ، و المضادات الحيوية عبارة عن مواد كيميائية تنتج عن كائن حي ، و تستطيع أن تعيق نمو الكائنات الدقيقة ، و تستطيع بعض أنواع العفن ( الفطريات ) ، و البكتيريا ، و حتى بعض النباتات الخضراء المعقدة إنتاج المضادات الحيوية .
في سنة 1920مـ ، اكتشف المضادات الحيوية عالم إنجليزي اسمه ( فليمنج ) ( Fleming ) حيث شاهد هذا العالم عفناً أخضراً نامياً على سطح أحد أطباق ( بتري ) التي يجري عليها تجاربه ، و قد سقط هذا العفن من الهواء على شكل أبواغ نمت على المواد الغذائية في الطبق و كونت مستعمرة ( البنسيليوم ) ، و عندما دقق فليمنج النظر في الطبق ، وجد أن المنطقة التي نما فيها العفن لا تحتوي على بكتيريا ، و بعد تجارب عديدة وجد فليمنج أن العفن الذي هو عبارة عن فطر البنسيليوم ينتج مادة تستطيع القضاء على العديد من أنواع البكتيريا ، و سمى فليمنج هذه المادة ( بنسلين ) (Penicillin )
و في البداية أنتج العلماء البنسلين بكميات محدودة ، وما أن جاءت سنة 1938 حتى استطاع العلماء إنتاجه بكميات كبيرة ، و قد كان إنتاجه مفيداً جداً ، و ذلك لأن الحرب العالمية الثانية كانت في بدايتها ، و قد أنقذ البنسلين بقدرة الله حياة الجرحى من موت محتم نتيجة لالتهابات الجروح ، و يستعمل البنسلين على شكل حقن ، أو حبوب ، أو مسحوق ، أو مراهم ...
و يستطيع البنسلين القضاء على العديد من الأمراض البكتيرية مثل : الالتهاب الرئوي ، الدفتيريا ، الزهري ( السفلس ) ، السيلان ، و التهابات الجروح . غير أن البنسلين لا يستطيع القضاء على عدد آخر من الأمراض البكتيرية مثل : مرض السل ، كما أنه لا يفيد في علاج أي من الأمراض الفيروسية ، لهذا السبب بحث العلماء عن مضادات حيوية أخرى من أنواع أخرى من العفن ، أو البكتيريا أو الطحالب أو الأشنات أو النباتات الخضراء المعقدة ، و من المضادات الحيوية المستعملة في الوقت الحاضر بالإضافة إلى البنسلين – ستربتوميسين ( Streptomycin ) ، و اوروميسين ( Aureomycin ) ، و تيراميسين ( Terramycin ) ، و أكرومايسين ( Achromycin ) ، و ... الخ.
تستعمل عقاقير السلفا و المضادات الحيوية في الوقت الحاضر على نطاق واسع ، و بهذا العدد يجب أن نتذكر أن المادة التي تقضي على البكتيريا يمكن أن تسبب لخلايا جسمنا الضرر ، و في بعض الحالات فإن تعاطي المضادات الحيوية عن طريق الفم ، يمكن أن يقضي على البكتيريا المفيدة الموجودة في الأمعاء مثل : البكتيريا التي تنتج العديد من فيتامينات ب ( B ) و كذلك البنسلين قد يسبب الموت المفاجئ عند الأشخاص ذوي الحساسية ، و لهذا السبب يجب تعاطي عقاقير السلفا و المضادات الحيوية بحذر شديد كما يجب أن تؤخذ تحت إشراف طبيب ماهر ، و من ناحية أخرى فإن الاستعمال الواسع للمضادات الحيوية ، يمكن أن يؤدي إلى ظهور سلالات من البكتيريا تقاوم بشكل كبير المضادات الحيوية ، و في هذه الحالة يصبح المضاد الحيوي عديم الفائدة بالنسبة للبكتيريا المقاومة ، و لا يستطيع القضاء عليها .
فمثلاً نمت في المستشفيات بكتيريا من نوع المكور العنقودي ( البكتيريا الكروية العنقودية ) ( Staphylococci ) ، و هذه البكتريا تقاوم البنسلين ، و قد أصبحت مشكلة كبيرة في العديد من المستشفيات ، حيث تفرز هذه البكتيريا أنزيماً يسمى ( البنسيليز ) ( Penicillinase ) يحطم البنسلين و يبطل مفعوله ، و بذلك يصبح البنسلين عديم الفائدة في هذه الحالة ...
الخميس أكتوبر 31, 2013 11:15 pm من طرف ستيفن هوبكنك
» رمضان مبارك
الإثنين يوليو 30, 2012 3:32 pm من طرف طالبة الفيزياء
» اقتراح للادارة !!
الثلاثاء يوليو 03, 2012 4:31 pm من طرف زهرة العلوم
» سلام خاص الى استاذي الغالي
الإثنين يوليو 02, 2012 4:12 pm من طرف زهرة العلوم
» نظائر الكلور
الإثنين يوليو 02, 2012 4:08 pm من طرف زهرة العلوم
» الصداقة الحقيقية
الإثنين يوليو 02, 2012 4:06 pm من طرف زهرة العلوم
» الابتسامة وفوائدها
الإثنين يوليو 02, 2012 3:58 pm من طرف زهرة العلوم
» العمليات الكيميائية لاستخلاص غاز الكلور
الإثنين يوليو 02, 2012 3:55 pm من طرف زهرة العلوم
» هل تعلم
الإثنين يوليو 02, 2012 3:45 pm من طرف زهرة العلوم