الرئيسية
السلام عليكم
إطلالة على تقنية النانو الحيوية ::
يُعد علم " تقنية النانو الحيوية " Nanobiotechnology فرعاً على " تقنية النانو " "Nanotechnology". وكما هو ملاحظ من تسميته فإن هذا الفرع يجمع في اهتماماته بين تقنية النانو والتقنية الحيوية "Biotechnology " , فناسب أن نستهل بنبذة عن تقنية النانو الحيوية .
التقنية الحيوية هي علم تطبيقي ويعني بتحوير الكائنات الحية لغرض نفع الإنسان , وتدخل الهندسة الورائية والهندسة الحيوية ضمن مفهوم التقنية الحيوية العام . وكان اهتمام التقنية الحيوية بداياته يركز على تحسين إنتاج الاغذية بتعديل الصفات الوراثية للنبات والحيوان , إلا أنها سريعاً ما اجتاحت التطبيقات الطبية, فظهر لنا الانسولين الآدمي الذي تصنعه البكتيريا المعالجة يجين الانسولين البشري كأول دواء ناتج من التقنية الحيوية , وسرعان ماتبعته منتجات أخرى كثيرة ذات صفات علاجية. وحري بالذكر أن المنتجات الدوائية للتقنية الحيوية كلها بروتينات , كالهرمونات وعوامل تخثر الدم والأجسام المضادة واللقاحات . ولأن البروتينات أكثر عرضة من الأدوية الكيميائية للعطب بسبب المؤثرات المحيطة بها كالحرارة والبرودة والرجّ , وبسبب تكسرها السريع في الجسم بعد إعطائها للمريض , أصبحت الاستفادة من مخرجات التقنية الحيوية في العلاج محدودة توعاً ما .
وبظهور تقنية النانو ظهرت حلول كثيرة لرفع كفاءة منتجات التقنية الحيوية وخصوصاً في المجال العلاجي , فدعي العلم المعني بهذا الأمر " تقنية النانو الحيوية " .
وبهذا تصبح تقنية النانو الحيوية مصباً تلتقي فيه علوم عديدة تتشارك في غرض تطبيق آليات تقنية النانو للإفادة من مخرجات التقنية الحيوية . وأصحاب هذا الاهتمام هم مزيج من علماء الكيمياء والفيزياء الخلوية والهتدسة الكيميائية والأحياء الجزئية والصيدلانيات وغيرهم , فيتناول كل منهم جانبا في تقنية النانو الحيوية وتتضافر جهودهم للوصول إلى أكثر صور الاستفادة من منتجات التقنية الحيوية العلاجية . فصار من شأن هذه التقنية أن ترفع كفاءة مخرجات التقنية الحيوية كما أسلفنا , وبإمكانها أن تستخدم نواتج تقنية النانو في التطبيقات الحيوية كالكشف والتشخيص والتحليل , ولها ايضاً أن تصمم مواد النانو لتحاكي بها المواد الحيوية كأن تحاكي الخلايا أو حتى مكونات الخلايا الدقيقة , فكل هذه الجوانب التطبيقية تدخل تحت مظلة تقنية النانو الحيوية .
أوجدت تقنية النانو حلولاَ رائدة لتشكيل صيغ دوائية حيوية مقاومة للتكسر تسهم في علاج الأمراض المستعصية ..
من الأفكار الرائدة لرفع كفاءة منتجات التقنية الحيوية باستخدام تقنية النانو تصنع كبسولات دقيقة من بوليمرات خاصة تستخدم لإفراز الانسولين تلقائياً بحسب حاجة المريض بعد زرعها فيه . فهذه الكبسولات تحتوي على خلايا جزر لانجرهانز المفرزة للانسولين , ولا يسمح غلاف الكبسولات إلا للمواد الصغيرة بالنفاذ من خلاله , فيسمح للأوكسجين والجلوكوز بالدخول إلى الكبسولة لتستفيد منه الخلايا ويسمح للفضلات بالخروج منها , ولا يسمح للأنسولين بالخروج من الكبسولة لأن حجم الانسولين أكبر من الفتحات المنفذه في غلاف الكبسولة . ولكن حين يرتفع تركيز الجلوكوز في الدم , يزيد دخول الجلوكوز إلى الكبسولة , ويتحول هذا الجلوكوز داخل الكبسولة إلى حمض بفعل إنزيم مؤكسد . ويسبب زيادة الحموضة تتغير خواص البوليمر المكون لغلاف الكبسولة فتتوسع فتحاته ويسمح للإنسولين بالخروج إلى مجرى الدم ليخفض من مستوى الجلوكوز .
ومن تطبيقات تقنية النانو الحيوية في الكشف والتحليل مايعرف " بشريحة الأيض " "Chip " التي اخترعها باحثون في الهندسة الكيميائية بجامعة كالقورنيا. تحتوي هذه الشريحة على أهم أنزيمات الكبد Cytochrome P450 المسؤولة عن أيض الأدوية , وتستخدم لفحص أعداد كبيرة من الأدوية ودراسة مشتقات أيضها بسرعة وفاعلية , أي أنها كبد مصغرة توفر الكثير من الجهد والوقت والمال لدراسة سُمّية الأدوية . بل إن نتائج الاختبارات بهذه الشرائح أكثر دقة من الدراسات التي تتم حاليا على خلايا الكبد المزروعة , وذلك لأن نسبة الانزيمات قد تتفاوت بين مزارع خلايا الكبد , فلا تأتي نتائج دراساتها على اتساق واحد .
وبإمكان تقنية النانو الحيوية أيضاً إنتاج مواد تحاكي المواد الحيوية كما أسلفنا , ومن أمثلة هذا تصنيع لقاحات لعلاج مرضى السرطان . فكرة هذه اللقاحات تحفيز الجهاز المناعي لمكافحة السرطان , فالجهاز المناعي مسؤول أصلاً عن لتعرف على خلايا السرطان وقتلها , إلا أن السرطان يمتلك آليات تُمكّنه من تثبيط الجهاز المناعي فلا يستطيع مكافحته . ففكر علماء الصيدلانيات بتشكيل كريات متناهية في الصغر "Nanopaticles " من بوليمرات طبيعية أو صناعية لكنها ملائمة لاستخدام الكائن الحي , وحمّلوا تلك الكريات الصغيرة ببروتينات سرطانية , وحرص العلماء كذلك على جعل الكريات في حجم مشابه لحجم البكتيريا لتلتقطها خلايا الجهاز المناعي دون غيرها من خلايا الجسم , وزخرفوها بمركبات جرثومية محفزة للخلايا المناعية لتكسر حالة التثبيط التي فرضها السرطان عليه. أي أنهم حولوا الرطان إلى جرثومة يتعرف عليها الجهاز المناعي واستخدموها كلقاح . وهذه استراتيجية واعدة شهدت تقدما بحثياً سريعاً , ووصل عدد من هذه اللقاحات إلى مراحل متقدمة في الدراسات الإكلينيكية .
وبهذا نرى أن تقنية النانو الحيوية مظلة بحثية كبيرة , وتطبيقاتها لا يكاد يدركها الحصر , والجميل فيها أنها أذابت الحواجز بين المجالات العلمية , وضيقت الهوة بين التخصصات , فخلقت فرصاً ليدلي كل تخصص بدلوه , ويجود كلٌ بخبرته ومعرفته , ويتناول كل متخصص الموضوع من زاويته ورؤيته , فصارت هذه التقنية مجالاً خصباً للإبداع والتفكير, والمستفيد الأكبر بالطبع هو الإنسانية . وهذه التقنية في حقيقتها ليست بغريبة على الإنسان , فالناظر إلى الكائن الحي سيجد فكرة " تقنية النانو " في كل خلية من خلاياه , فكما أن لنا سيارات تنقلنا حيث نشاء وتأتينا بما نشاء , فللخلايا هيموجلوبين ينقل لها الأوكسجين , وكما أن لنا شوارع وطرقات تسهل لنا سيرنا , ففي الخلايا بروتينات تُسيّر المواد الحيوية داخلها , ومثلما نبني المصانع وننتج الكهرباء والطاقة , فالخلية تنتج الطاقة من مركباتها الحيوية . وكأنّ الخلايا تنظر إلى هذا الإنسان الضخم الذي بدأ لتوه يتفطن لما يدور ف داخله من آلاف السنين , فسبحان القائل : ( وفي أنفسكم أفلا تبصرون ) .
المصدر ::
مجلة الصيدلي , العدد45
الحمعية الصيدلية ,,
اخواني واخواتي الاعضاء
يجب المشاركة بالمواضيع والملاحظات التي تساهم في بناء ونشر المنتدى..
لا يكفي التسجيل بالمنتدى والمرور وتصفح المواضيع ...
كذلك عليكم ابداء رايكم في المواضيع المكتوبه في المنتدى عن طريق الردود ..
ننتظر ابداعاتكم ... لاتتاخروا ..
مع اطيب تحياتي اليكم ..
» رمضان مبارك
» اقتراح للادارة !!
» سلام خاص الى استاذي الغالي
» نظائر الكلور
» الصداقة الحقيقية
» الابتسامة وفوائدها
» العمليات الكيميائية لاستخلاص غاز الكلور
» هل تعلم